ŷ������

من نشرة أخبار واحدة ستعرف أن ثمة خطأ في هذه المنطقة، أو في هذا الشعب. الدول ما بين انقلابات وثورات وحروب داخلية وخارجية والشعب ما بين مهاجر ومحارب، مستبد ومقهور.

أين تكمن المشكلة؟

هل المشكلة في الارتهان للدين التقليدي؟ أم أنه الاستعمار الجديد؟ هل هو الانقسام العشائري والحزبي أم هو الديكتاتور الظالم؟
يقول معلوف في "التهائهون" أن الإجابة معقدة وليست ذات شق واحد، وهذا هو الطرح الذي أميل إليه شخصيًا.

يستلهم الكاتب في الرواية سيرته الذاتية بتصرف شديد لينسج العديد من الشخصيات، المواقف والحوارات التي تعكس واقعنا العربي. وهو في هذا المعترك، لا يفرض رؤية معينة ينحاز إليها بل يطرح جميع الآراء على الطاولة. هناك آراء مميزة ومطروحة من وجهات نظر مغايرة لمواضيع شائكة. على سبيل المثال: هل من فر من الحرب والفساد إلى الغربة مصيب أكثر من الذي تمسك بالوطن حتى وإن أصيب بشيء من آفاته؟ هل المشاركة في الأعمال التجارية مع الطواغيت مع محاولة تحسين الأوضاع خير أم العزوف عن ذلك تماما؟ تشمل النقاشات مواضيع مثل الشرق والغرب، التدين والعلمانية، التحرر الجنسي والمحافظة، وغير ذلك.

ينتقل السرد ما بين الماضي (السبعينيات تقريبًا) والحاضر (صدرت في 2012). كذلك تنوَع أسلوب الحكي مابين الراوي كُلّي المعرفة والأحداث المروية على لسان الشخصية الرئيسية في مذكراته. بالنسبة للشخصيات فقد كانت متوسطة العمق، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى توجّه الرواية ومحتواها. ثم تأتي نهلة بيضون لتتوج هذا النص بترجمة ممتازة قد تقنعك أنها لغة النص الأصلية.

ثالث رواية أقرؤها لأمين معلوف، في كل مرة أقرأ له لونًا روائيًا مختلفًا، وفي كل مرة يبهرني بإتقان قلمه وسمو أفكاره. أترككم مع بعض الاقتباسات من الرواية:

"..إن ثمة مصيبتين رئيسيتين في القرن العشرين هما الشيوعية ومناهضة الشيوعية...وفي القرن الحادي والعشرين هناك أيضًا مصيبتان رئيسيتان: الأصولية الإسلامية ومعاداة الأصولية الإسلامية."

"لن أغفر له أي شيء. وكونه كان صديقي لا يمثل على الإطلاق ظرفًا تخفيفيًا عندي، لا بل، إنه ظرف تشديدي. فالأفعال الشنيعة التي يقترفها صديق لك تلطخك وتهينك، ومن واجبك أن تصدر بشأنها حكمًا لا يعرف الرأفة."

"لن أطلعك على شيء جديد إذا قلت لك إن مشرقنا ميؤوس من شفائه."

"لكل امرئ الحق في الرحيل، وعلى وطنه أن يقنعه بالبقاء."

"الغرب هو المؤمن حتى في علمانيته، الغرب هو المتدين حتى في إلحاده. وهنا، في المشرق، لا يكترث الناس للعقائد الإيمانية بل للانتماءات. فطوائفنا عشائر وغلونا الديني شكل من أشكال القومية."