ŷ

كامل فرحان صالح's Blog: Kamel Farhan Saleh's blog, page 7

March 18, 2021

في حركية مفهوم الشعر العربي وتصدعاته - مقاربات في نماذج تنظيرية مختارة


� د. كامل فرحان صالح *

� نبذة عن البحث:يمكن القول إن مفهوم الإبداع الشعري العربي من ناحية الشكل، قد استقر في الوقت الحاضر، على تعريف شبه جامع، يلحظ السمات الآتية:
· الكلاسيكي: ويمكن تعريفه بالكلام المقيّد بالوزن والقافية والذي يقصد به الجمال الفني، وشكله ثابت.
· الحديث (التفعيلة وقصيدة النثر): كل شعر لا يلتزم الوزن والقافية، وشكله يتغير مع تغير كل نصّ.
· النظم: هو الكلام المقيد بالوزن والقافية، لكنه قد يخلو من الجمال الفني.
لكن، هذه التعريفات وإن بدت بسيطة، وواضحة هنا، فقد أخذت مسارًا طويلاً من الوقت، إن كان على مستوى تعريف الشعر العربي شكلاً، أم مضمونًا. وإن كان المسار الطبيعي لسياق أي شيء في العموم، يلحظ محطات متسلسلة، ومتباينة في كثير من الأحيان، إلا أن اللافت في "الشعر"، أن المقاربة القديمة، لا تزال مستقرة، بل يلحظ المتابع أن هذه المقاربة، قد قفزت قفزات أفقية على مقاربات سجلها التراث النقدي العربي، كان يمكن لها أن تشكل مسارًا يغني مفهوم الشعر ونظرياته حديثًا، لو جرى النظر إليها نظرة فاحصة، وفي العمق، بهدف طرحها ضمن سياق تاريخ الشعر العربي وفاعليته.لكن، قد بدا واضحًا، أن مرحلة الانقطاع عن الفعل الحضاري في ما يسمّى "عصر الانحطاط"، قد فعلت فعلها في عرقلة سياق مفهوم متقدم للشعر العربي، إذ كان البارز في ذاك العصر، هو التركيز على العمل الموسوعي، بهدف حفظ الذاكرة العربية من الضياع، وليس العمل الإبداعي الجديد. وهذا ما أدى لاحقًا، إلى أن يُربط مفهوم الشعر العربي الحديث، بسياقات أجنبية، تلحظ فاعلية التجدد في المقاربة الشعرية.يقارب البحث في ما يأتي، إذًا، حركية مفهوم الإبداع الشعري العربي قديمًا وحديثًا (أي إلى حدود ما يسمّى "عصر النهضة")، فيختار نماذج نقدية تعدّ الأبرز على مستوى تناول هذا المفهوم وأبرز خصائصه وسماته.ويهدف البحث من ذلك، إلى أن يضع هذه المقاربات للمفهوم الشعري، ضمن سياق زمني تصاعدي، بهدف تبيان المسارات العربية المؤسٍّسة التي كان يمكن لها أن تستمر وتشكل تغيرًا في النظرة إلى بنية الشعر العربي وخصائصه، بمعزل عن أهمية تأثير الإبداع الأجنبي اللاحق في التجارب الإبداعية العربية، والتأثير الفاعل لدرسه النقدي في هذا الخصوص.
* أستاذ في الجامعة اللبنانية - kamel farhan salehكامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on March 18, 2021 15:32

March 17, 2021

بين قصيدتي التفعيلة والومضة - في سمات التقاطع والتباين

� كامل فرحان صالح * -
يمكن وضع خيط رفيع بين قصيدة التّفعيلة وقصيدة الومضة التي هي من أسس الأدب الوجيز. لكن من الثابت، أن مساحة التلاقي بين هذين النوعين واسعة جدًا، ويصعب على المرء وضع سمات نهائيّة تبرز التباين بينهما؛ فإذا كانت قصيدة التّفعيلة قد بقيت على صلة ما بالمثال العموديّ ولا سيما من نواحٍ عدّة: التّفعيلة، والرّوي والقافية على الرغم من تنوّعها فيها، وأحيانًا اختفاء تكرار الرّوي والقافية في بعض القصائد، فإنّ قصيدة الومضة قد قطعت هذا الصّلة نهائيًّا، فغابت عنها سمات العموديّة الشّعريّة العربيّة، لتبقى متصلة بهذا التراث العربي باللغة، وباستحضار رموزه وأساطيره وحكاياته� من دون وجود صلة شكليّة.
ويمكن للمرء ملاحظة بعض سمات قصيدة التّفعيلة وقصيدة الومضة، والتمايز بينهما، عبر الآتي:
استخدام التّفعيلة كوحدة موسيقيّة يكرّرها شاعر قصيدة التّفعيلة بحريّة، فلا يتقيّد بطول الشطر الشعري، إنما بحالة الاندماج الشّعوريّ الذي يريد تسجيله، فلم يتّخذ من بحور الخليل قوالب جامدة يصبّ فيها شعره، إنّما ترك لنفسه حريّة الاختيار من بحور مستعملة، لتكون طينة أصليّة طيّعة بين يديه، يشكلها تشكيلات تتناسب مع قدرته وحالته. ولم تعُد القصيدة مجرد أبيات تتوالى بشكل موسيقي تقليديّ معين، إنّما أدخل عليها شاعر قصيدة التّفعيلة من التّعديلات في الوزن ما رآه ضروريًّا متناسقًا مع أحاسيسه ومشاعره، معتمدًا على النّشاط الشّعوريّ، والتّموجات النفسيّة، كما لم تعد للقافية تلك الأهمية التي كانت لها في الشّعر الكلاسيكي، بعد أن أصبحت تنبع من داخل القصيدة. فبالوصول إلى هذه الموسيقى الدّاخلية، تتعدد استخدامات القافية بصورة تتفق مع طبيعة التعبير والموقف، إذ لم تعُد موسيقى الرّوي كافية لتنمّ عن إيحاءات النظم الداخليّ.
في المقابل: خطا شاعر قصيدة الومضة خطوة متقدّمة في هذا المسار، بعد أن تخلى عن «التّفعيلة» و»القافية» و»الرّوي»، ليكتشف في لغة النّثر قيمًا شعرية، يستغلها لخلق مناخ يعبر عن تجربته ومعاناته، وقد استخدم في قصيدته صورًا شعريّة تتوافر فيها الشّفافية والكثافة في آن واحد، وعوّض انعدام الوزن التّقليدي بإيقاعات يمكن التماسها من بنية القصيدة نفسها، عبر مشهديّة الاختلاف والتّماثل والتّناظر فيها، لكن من دون جعلها قواعد ثابتة تكبّل قدرات الشّاعر على الخلق الدّائم للجملة مع تموجاتها الصّوتيّة بموسيقى صياغيّة تحسّ ولا تُقاس، فقصيدة الومضة وإن شرّعت الباب للمطلق، ولطرق أبواب الغوص في معنى المعنى، إلا أنّها تبقى بحاجة إلى مشهديّة تناغم عناصر الإيحاء، والبُعد التّخيليّ التشاركيّ، وطاقة المفردة، والاتّساع الدّاخلي للغة، والرّؤيا، والدّائرة المتشظيّة، من دون نسيان مكوّناتها المرتكزة على الأدب الوجيز عمومًا، وهي: التّكثيف، والإيجاز، والاتّساع الدّاخليّ للطاقة الشّعوريّة، وفتق آفاق التّخيّل، وكسر أنماط الحواس، والمعنى يُحدِّدُ شكله، والدهشة، والمفارقة.
من هنا تصبح البنيّة الإيقاعيّة في قصيدة الومضة بنية ذاتيّة خاصة، بعدما ألغى الشّاعر في قصيدته كل الشّكلية الموسيقيّة الخارجيّة، واعتمد حصرًا، على الموسيقى الدّاخليّة التي تنبع من الحدس بالتّجربة الشّعريّة، تلك التّجربة التي خلخلت كل النّظام الشّعريّ القديم المتوارث، فحلّ تفجير المفردة الشّعريّة محل التّسلسل، وحلّت الرؤيا محل التفسير، وحلّت مساحة البياض/الصّمت محل الشّطر الثّاني في القصيدة؛ فإذا كان الصّدر/السّطر للشّاعر، فإنّ العجز/البياض للقارئ، وبذلك تُرسِّخ قصيدة الومضة العمليّة التّشاركية بين الثّلاثيّة المقدّسة: المبدع (الشّاعر) � النّص (القصيدة) � القارئ (المتلقي).
أما في ما عدا ذلك، يلحظ أن الصلات بين سمات القصيدتين، كثيرة، ومنها:
الانتقال الكامل من وحدة البيت إلى الوحدة العضويّة أي الحالة الشّعوريّة الوجدانيّة التي يخضع لها الشّاعر، ويكتب بتأثيرها، وقد لا تقتصر على قصيدة واحدة، بل تنسحب على ديوان يصطبغ كله بحالة نفسيّة معيّنة.
كذلك خلق وظيفة جديدة للتدوير، إذ لم يعُد محصورًا بربط الشطر الأول مع الشّطر الثاني (أي الصدر والعجز)، بكلمة حروفها موزّعة بين الاثنين لإتمام الوزن، إنما أصبحت له وظيفة تعبيريّة تنبع من حاجة طبيعية للتجربة الشّعريّة، وتستهدف في المقام الأول تحقيق علاقة عضوية بين المعنى والموسيقى الداخلية، وتحقق في الوقت نفسه، المواءمة في البناء النفسيّ للقصيدة، إذ أصبح التدوير يمتدّ حتى يشمل القصيدة كلها، ويعمل في إحدى مهماته الشكليّة على تكريس السطر الشعريّ، بوصفه بديلاً مهيمنًا للبيت الشعري التقليديّ، كذلك تحقق للقصيدة وحدة نغمية كليّة، وتسمح في الوقت نفسه، بتعدّد النغمات وتنوّعها بين سطر وآخر.
يتشارك شاعر قصيدة التّفعيلة وشاعر قصيدة الومضة أيضًا، في مواجهة مساحة السواد/الصوت في النص (أي المساحة المكتوبة)، بالقلق نفسه اللذين يواجهان به البياض/الصمت (أي المساحة الفارغة). فبنية كل من التّفعيلة والومضة، يشوبها قلق دائم، وتحدو شاعرها رغبة في تحطيم التقاليد البصرية التي اعتادها القارئ في القصيدة العموديّة، فجعلت عينيه مركزتين على بنية مكانيّة تمنحه اطمئنان العارف مسبقًا، فتدعم هذه اللحظة، أي لحظة النظرة لهذا الشكل، شعور التوازن الداخلي الوهمي لديه. أما في القصيدة الحديثة وتحديدًا في قصيدة الومضة، فلا بنية مكانية شكلية ثابتة، وبالتالي يقع هذا «العارف مسبقًا» في الحيرة، تحدوه رغبة الاكتشاف، فيجد نفسه يدخل في تراكيب تتشظّى، تمتد إلى عالمه الداخلي محدثة الخلخلة التي تخلق في الوقت نفسه دوائر أخرى من التشظيّ، فيدفع هذا التركيب/التراكيب بمسلّمات «العارف مسبقًا» (القارئ) وبحواسه المطمئنة، وبسكينته المرتكزة على مورثات راسخة، نحو سحر الشك، وشغف البحث عن مخرج للمتاهة/المتاهات، بعد أن يبدأ في قرارته يشعر بوجود أبعاد لا حدّ لها لفاعلية الحواس على مستويي التشخيص والتجسيد، ولقدرتها على توليد انزياحات دائمة بإمكانها تشريع الأبواب على عوالم مدهشة من المعنى في المعنى.
* أستاذ في الجامعة اللبنانيّة، وعضو في ملتقى الأدب الوجيز � بيروت. kamel farhan saleh




كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on March 17, 2021 03:55

بين قصيدتي التفعيلة والومضة ( في سمات التقاطع والتباين )

� كامل فرحان صالح * -
يمكن وضع خيط رفيع بين قصيدة التّفعيلة وقصيدة الومضة التي هي من أسس الأدب الوجيز. لكن من الثابت، أن مساحة التلاقي بين هذين النوعين واسعة جدًا، ويصعب على المرء وضع سمات نهائيّة تبرز التباين بينهما؛ فإذا كانت قصيدة التّفعيلة قد بقيت على صلة ما بالمثال العموديّ ولا سيما من نواحٍ عدّة: التّفعيلة، والرّوي والقافية على الرغم من تنوّعها فيها، وأحيانًا اختفاء تكرار الرّوي والقافية في بعض القصائد، فإنّ قصيدة الومضة قد قطعت هذا الصّلة نهائيًّا، فغابت عنها سمات العموديّة الشّعريّة العربيّة، لتبقى متصلة بهذا التراث العربي باللغة، وباستحضار رموزه وأساطيره وحكاياته� من دون وجود صلة شكليّة.
ويمكن للمرء ملاحظة بعض سمات قصيدة التّفعيلة وقصيدة الومضة، والتمايز بينهما، عبر الآتي:
استخدام التّفعيلة كوحدة موسيقيّة يكرّرها شاعر قصيدة التّفعيلة بحريّة، فلا يتقيّد بطول الشطر الشعري، إنما بحالة الاندماج الشّعوريّ الذي يريد تسجيله، فلم يتّخذ من بحور الخليل قوالب جامدة يصبّ فيها شعره، إنّما ترك لنفسه حريّة الاختيار من بحور مستعملة، لتكون طينة أصليّة طيّعة بين يديه، يشكلها تشكيلات تتناسب مع قدرته وحالته. ولم تعُد القصيدة مجرد أبيات تتوالى بشكل موسيقي تقليديّ معين، إنّما أدخل عليها شاعر قصيدة التّفعيلة من التّعديلات في الوزن ما رآه ضروريًّا متناسقًا مع أحاسيسه ومشاعره، معتمدًا على النّشاط الشّعوريّ، والتّموجات النفسيّة، كما لم تعد للقافية تلك الأهمية التي كانت لها في الشّعر الكلاسيكي، بعد أن أصبحت تنبع من داخل القصيدة. فبالوصول إلى هذه الموسيقى الدّاخلية، تتعدد استخدامات القافية بصورة تتفق مع طبيعة التعبير والموقف، إذ لم تعُد موسيقى الرّوي كافية لتنمّ عن إيحاءات النظم الداخليّ.
في المقابل: خطا شاعر قصيدة الومضة خطوة متقدّمة في هذا المسار، بعد أن تخلى عن «التّفعيلة» و»القافية» و»الرّوي»، ليكتشف في لغة النّثر قيمًا شعرية، يستغلها لخلق مناخ يعبر عن تجربته ومعاناته، وقد استخدم في قصيدته صورًا شعريّة تتوافر فيها الشّفافية والكثافة في آن واحد، وعوّض انعدام الوزن التّقليدي بإيقاعات يمكن التماسها من بنية القصيدة نفسها، عبر مشهديّة الاختلاف والتّماثل والتّناظر فيها، لكن من دون جعلها قواعد ثابتة تكبّل قدرات الشّاعر على الخلق الدّائم للجملة مع تموجاتها الصّوتيّة بموسيقى صياغيّة تحسّ ولا تُقاس، فقصيدة الومضة وإن شرّعت الباب للمطلق، ولطرق أبواب الغوص في معنى المعنى، إلا أنّها تبقى بحاجة إلى مشهديّة تناغم عناصر الإيحاء، والبُعد التّخيليّ التشاركيّ، وطاقة المفردة، والاتّساع الدّاخلي للغة، والرّؤيا، والدّائرة المتشظيّة، من دون نسيان مكوّناتها المرتكزة على الأدب الوجيز عمومًا، وهي: التّكثيف، والإيجاز، والاتّساع الدّاخليّ للطاقة الشّعوريّة، وفتق آفاق التّخيّل، وكسر أنماط الحواس، والمعنى يُحدِّدُ شكله، والدهشة، والمفارقة.
من هنا تصبح البنيّة الإيقاعيّة في قصيدة الومضة بنية ذاتيّة خاصة، بعدما ألغى الشّاعر في قصيدته كل الشّكلية الموسيقيّة الخارجيّة، واعتمد حصرًا، على الموسيقى الدّاخليّة التي تنبع من الحدس بالتّجربة الشّعريّة، تلك التّجربة التي خلخلت كل النّظام الشّعريّ القديم المتوارث، فحلّ تفجير المفردة الشّعريّة محل التّسلسل، وحلّت الرؤيا محل التفسير، وحلّت مساحة البياض/الصّمت محل الشّطر الثّاني في القصيدة؛ فإذا كان الصّدر/السّطر للشّاعر، فإنّ العجز/البياض للقارئ، وبذلك تُرسِّخ قصيدة الومضة العمليّة التّشاركية بين الثّلاثيّة المقدّسة: المبدع (الشّاعر) � النّص (القصيدة) � القارئ (المتلقي).
أما في ما عدا ذلك، يلحظ أن الصلات بين سمات القصيدتين، كثيرة، ومنها:
الانتقال الكامل من وحدة البيت إلى الوحدة العضويّة أي الحالة الشّعوريّة الوجدانيّة التي يخضع لها الشّاعر، ويكتب بتأثيرها، وقد لا تقتصر على قصيدة واحدة، بل تنسحب على ديوان يصطبغ كله بحالة نفسيّة معيّنة.
كذلك خلق وظيفة جديدة للتدوير، إذ لم يعُد محصورًا بربط الشطر الأول مع الشّطر الثاني (أي الصدر والعجز)، بكلمة حروفها موزّعة بين الاثنين لإتمام الوزن، إنما أصبحت له وظيفة تعبيريّة تنبع من حاجة طبيعية للتجربة الشّعريّة، وتستهدف في المقام الأول تحقيق علاقة عضوية بين المعنى والموسيقى الداخلية، وتحقق في الوقت نفسه، المواءمة في البناء النفسيّ للقصيدة، إذ أصبح التدوير يمتدّ حتى يشمل القصيدة كلها، ويعمل في إحدى مهماته الشكليّة على تكريس السطر الشعريّ، بوصفه بديلاً مهيمنًا للبيت الشعري التقليديّ، كذلك تحقق للقصيدة وحدة نغمية كليّة، وتسمح في الوقت نفسه، بتعدّد النغمات وتنوّعها بين سطر وآخر.
يتشارك شاعر قصيدة التّفعيلة وشاعر قصيدة الومضة أيضًا، في مواجهة مساحة السواد/الصوت في النص (أي المساحة المكتوبة)، بالقلق نفسه اللذين يواجهان به البياض/الصمت (أي المساحة الفارغة). فبنية كل من التّفعيلة والومضة، يشوبها قلق دائم، وتحدو شاعرها رغبة في تحطيم التقاليد البصرية التي اعتادها القارئ في القصيدة العموديّة، فجعلت عينيه مركزتين على بنية مكانيّة تمنحه اطمئنان العارف مسبقًا، فتدعم هذه اللحظة، أي لحظة النظرة لهذا الشكل، شعور التوازن الداخلي الوهمي لديه. أما في القصيدة الحديثة وتحديدًا في قصيدة الومضة، فلا بنية مكانية شكلية ثابتة، وبالتالي يقع هذا «العارف مسبقًا» في الحيرة، تحدوه رغبة الاكتشاف، فيجد نفسه يدخل في تراكيب تتشظّى، تمتد إلى عالمه الداخلي محدثة الخلخلة التي تخلق في الوقت نفسه دوائر أخرى من التشظيّ، فيدفع هذا التركيب/التراكيب بمسلّمات «العارف مسبقًا» (القارئ) وبحواسه المطمئنة، وبسكينته المرتكزة على مورثات راسخة، نحو سحر الشك، وشغف البحث عن مخرج للمتاهة/المتاهات، بعد أن يبدأ في قرارته يشعر بوجود أبعاد لا حدّ لها لفاعلية الحواس على مستويي التشخيص والتجسيد، ولقدرتها على توليد انزياحات دائمة بإمكانها تشريع الأبواب على عوالم مدهشة من المعنى في المعنى.
* أستاذ في الجامعة اللبنانيّة، وعضو في ملتقى الأدب الوجيز � بيروت. kamel farhan saleh




كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on March 17, 2021 03:55

March 9, 2021

kamel fahan saleh - عندما تتكلم الموسيقى

عندما تتكلم الموسيقى ينحني حرف الألف احتراما

كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Published on March 09, 2021 08:24

February 15, 2021

قراءة في كتاب « حب خارج البرد » لكامل صالح


مهى عبد الكريم هسي -
يقول د. كامل صالح:

«كل ما حولنا وهم مشترك في ذاكرتنا كبشر، الحضور يتوالد كلما رحلنا بعيداً في النظر، ويزول تدريجياً بانحناء زاوية الرؤية».

يأخذنا الكاتب كامل صالح إلى أوهام المستقبل، ويصوّر حال العالم بعد سنوات عدّة من الآن. يُفتح الستار على الحافظة الزجاجية حيث يقبع الموت � موت هند. يتركنا الكاتب في حيرة وشغف لمعرفة حقيقة هند.«هند» الحبيبة الثلاثينية التي ماتت في زلزال مدمر في مدينة بيروت عام 2032. فقد استشرف الكاتب أحداثاً لهذه المدينة ولحال العالم بعد سنوات عدة، إلا أنه وعلى الرغم من دخول الروبوتات والأبحاث العلمية وغيرها من التطورات التكنولوجية والعلمية في مصر وبيروت وغيرها، لم يتغير حال البلاد السياسية والاجتماعية حتى أنّ الكاتب بدا متمسكاً بالعادات والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية، ويرفض هذا التغيير من خلال كرهه للروبوتات والإشارة في أكثر من موضع إلى عادات بقيت هي هي، إلا أنه يخضع للأمر الواقع بعد العثور على «شريحة» هند الجينية بعد تأكيد الطبيب المصري � الذي استطاع إعادة مومياء إلى الحياة � إمكانية إعادة هند إلى الحياة عن طريق الاستنساخ.في روايته الواقعة في 151 صفحة والصادرة عن دار الحداثة � بيروت، يتلاعب الكاتب بالزمن الذي مهما تقدم أو رجع به إلى الوراء فصراع الموت والحياة يبقى قائماً، وخاصة في ما يتعلق بذاكرة الإنسان، فـ (كاف) الراوي البطل الذي فقد الحياة بعد هند، إنما كان يعيشها في ذاكرته، و(هند) التي عادت إلى الحياة طفلة صغيرة وسُجلت على أنها ابنة (كاف)، لم تعُد إلى حياتها الواقعية فحسب، إنما عادت إلى حياة جديدة مختلفة كلياً ولن يعيدها شيء إلى حياتها السابقة سوى ذاكرتها.(هند) التي كانت تكبر كإبنة في أحضان (كاف)، و(هند) الماضي الذي يتشبث � كعشيقة � بذاكرة (كاف)، و(كاف) الذي أصبح كهلاً وبقي يتخبط بين ماضيه وحاضره.تمكّن (كاف) الاحتفاظ بمشاعره في عالم بارد جامد تحول الإنسان فيه إلى شريحة تسيّره التكنولوجيا، وتمكّن الكاتب من إدخالنا إلى ذلك العالم والذي مهما تغير إلا أنه سيبقى محكوماً بالقدر المحتوم.

«فيما أنا، أذكر الحياتين� وأذكر أني أحببتها مرتين: حبيبة وابنة..».

مفاتيح: - حب خارج البرد, روايات استشرافية, love outside the cold, kamel salehكامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on February 15, 2021 04:41

February 2, 2021

كتاباتي بصيغة bibtex - scholar.googleusercontent.com/citations

@article{صالح2004الشعر,

title={الشعر و الدين : فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2004} ، publisher={دار الحداثة للطباعة و النشر}}
@article{صالح2019مركزيّة, title={مركزيّة قصيدة النّثر في نتاج جبران خليل جبران}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الحجم = {25} ، الرقم = {199} ، الصفحات = {23} ، السنة = {2019} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@misc{صالح2018حركية, title={حركية الأدب وفاعليته ( في الأنواع والمذاهب الأدبية ) - ط2}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2018} ، publisher={الحداثة}}
@misc{صالح2018ملامح, title={ملامح من الأدب العالمي}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2018} ، publisher={الحداثة}}
inproceedings {صالح 2016 الشعر، title={"الشعر العربي المعاصر: توليف أم إبداع دين شعري حديث؟}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={الندوة الدولية: جدلية النقد والإبداع في الآداب والعلوم الإنسانية" ، تنظيم كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس (جامعة مولاي إسماعيل) في المغرب}, الصفحات = {33} ، السنة = {2016} ، organization={جامعة مولاي إسماعيل - مكناس المغرب}}
inproceedings {صالح 2019 اللغة، title={اللغة العربية وتحديات الخصوصية : تلمس المشهد في ظل العربيزي والصورة الرقمية}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={المؤتمر الأول لقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة بيروت العربية تحت عنوان: اللغة العربية واللسانيات المعاصرة: الأثر والتأثير}, الصفحات = {9} ، السنة = {2019} ، organization={جامعة بيروت العربية}}
inproceedings {صالح 2016 الأدب، title={الأدب الشعبي بين إشكالية الرفيع والوضيع وخجل الأجيال}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={"الملتقى الدولي: الثقافة الشعبية العربية -- رؤى وتحولات" الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة وجامعة المنصورة، كلية الآداب، المركز الحضاري لعلوم الإنسان والتراث الشعبي}, الصفحات = {12} ، السنة = {2016} ، organization={المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة - مصر، وجامعة المنصورة - كلية الآداب}}
inproceedings {صالح 2016 اللغة، title={اللغة العربية وتلقيها في العصر الرقمي - في تحديات القراءة والكتابة والإعلام والتعلّم}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={مؤتمر: "مسالك الكتابة وآفاق التلقي في اللغة والأدب والحضارة" تنظيم ماستر التواصل وتحليل الخطاب في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في القنيطرة - جامعة ابن طفيل - المغرب}, الصفحات = {19} ، السنة = {2016} ، المنظمة = {https://documentcloud.adobe.com/link/...~~}}
inproceedings {صالح 2016 العربية، title={العربية وجيل اليوم: أزمة لغة أم أزمة حضارة؟}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={ندوة "التواصل بالعربية.. حوار بين المعلم والمتعلم" تنظيم نادي الثقافي العربي ضمن فاعليات معرض بيروت العربي والدولي للكتاب}, الصفحات = {8} ، السنة = {2016} ، organization={نادي الثقافي العربي ضمن فاعليات معرض بيروت العربي والدولي للكتاب}}
inproceedings {صالح 2015 حركية، title={حركية الماء والجفاف في شعر السيّاب}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={مؤتمر: "السيّاب، وحركة الحداثة الشعرية" الذي نظمته كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية في بيروت}, الصفحات = {29} ، السنة = {2015} ، organization={كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية}}
@article{صالح2018يوسف, title={يوسف الخال و"جدار اللغة" أزمة "فصحى" أم حضارة؟}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة}, الحجم = {24} ، العدد = {195} ، الصفحات = {22} ، السنة = {2018} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@article{صالح2018فاعلية, title={فاعلية الأدب الشعبي وحركيته (في اشكالية المناهج وثراء الخصائص مع نماذج مختارة)}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الثقافة الشعبية - البحرين}, الحجم = {11} ، العدد = {41} ، الصفحات = {23} ، السنة = {2018} ، publisher={الثقافة الشعبية فصلية - علمية - محكمة - البحرين}}
@article{صالح2016حركية, title={حركية المذاهب الأدبية والشعر العربي: من محاكاة المثال إلى تشظي الواقع}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, العدد = {179} ، الصفحات = {39} ، السنة = {2016} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@article{صالح2016الأدب, title={الأدب الشعبي والعولمة: "القرية" ضد القرية}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الثقافة الشعبية -- البحرين}, الحجم = {9} ، العدد = {34} ، الصفحات = {15} ، السنة = {2016} ، publisher={الثقافة الشعبية فصلية - علمية - محكمة - البحرين}}
@article{صالح2015حركية, title={حركية الأنواع الأدبية والمجتمع}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الحجم = {22} ، العدد = {167} ، الصفحات = {17} ، السنة = {2015} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@article{صالح2014الملحمة, title={الملحمة باكورة الآداب وانتاج المادة المكونة لبناء الرموز - جلجامش نموذجاً}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الحجم = {21} ، الرقم = {161} ، الصفحات = {22} ، السنة = {2014} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة}}
@article{صالح2010قراءة, title={قراءة في رواية {\guillemotleft}ترمي بشرر{\guillemotright} للروائي السعودي عبده خال: تفضح وجع الأحلام وشغب الغرائز- يواصل فيها البحث عن الفردوس المفقود}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={عكاظ}, السنة = {2010} ، publisher={السعودية}}
inproceedings {صالح 2004 رواية، title={رواية "امرأة على فوهة بركان" للروائية السعودية بهية بوسبيت: فضاءات العادات الثرية وفقر المعالجة السردية}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={محور الرواية السعودية: خطاب السرد المحلي في رواية المرأة (آذار (مارس) 2004): كتاب خطاب السرد: الرواية النسائية السعودية - تقديم د. حسن النعمي 2007}, السنة = {2004} ، organization={نادي جدة الأدبي- 2007}}
inproceedings {صالح 2006 الأنا، title={الأنا والآخر في الرواية السعودية: رواية "نباح" للروائي عبده خال، و"العصفورية" لغازي القصيبي، نموذجا}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={محور الأنا والآخر في الرواية العربية: (1) - نادي جدة الأدبي 2006}, الرقم = {19} ، السنة = {2006} ، organization={نشرت في دورية الراوي السعودية: دورية تعنى بالسرديات العربية -- جدة - أيلول…}
@article{صالح2006براري, title={"براري الحمى" للروائي الأردني: المكان المريض (قراءة سيميائية)}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={محور الأنا والآخر في الرواية العربية: 2- نادي جدة الأدبي}, الرقم = {19} ، السنة = {2006} ، publisher={نشرت في دورية الراوي السعودية: دورية تعنى بالسرديات العربية -- جدة - أيلول…}
@article{صالح2008بعد, title={"بعد المطر هناك دائما رائحة" للروائية السعودية فاطمة بنت السراة: تبريرات الأنا في قتل الآخر}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الراوي}, الرقم = {19} ، الصفحات = {6} ، السنة = {2008} ، publisher={محور الآخر في الرواية السعودية - نادي جدة الأدبي - …}
@article{صالح2007قراءة, title={قراءة في دواوين "نصف تفاحة- نشيد الرغبة -- حليب جسدي -- غدائر في مهب الريح" للشاعرة السعودية فايزة السعيد: تمرد يبحث عن لغته}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={عكاظ}, الرقم = {2041} ، السنة = {2007} ، publisher={صحيفة عكاظ (29/12/1427هـ)}}
@article{صالح2004قراءة, title={قراءة في رواية "غرفة السماء" للروائية الكويتية ميس العثمان}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الرقم = {85} ، السنة = {2004} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
inproceedings {صالح 2002 قراءة، title={قراءة في رواية "لغط موتى" للسعودي يوسف المحيميد: هذيان السرد وتلاشي الحياة}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={محور جماعة السرد في جمعية الثقافة والفنون في جدة}, السنة = {2002}}
@article{صالح2002بدر, title={بدر شاكر السياب مستشرفا في "المطر" رأى "عاصفة الصحراء -- قراءة جديدة في قصيدة "أنشودة المطر}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={عكاظ}, السنة = {2002} ، publisher={صحيفة عكاظ السعودية}}
@article{صالح2000توفيق, title={توفيق يوسف عوّاد: طواحين بيروت القاسي}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الرقم = {47} ، السنة = {2000} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@article{صالح2000في, title={في العشق وتجلياته: بحث في أدب الحب: تعريفه وتاريخه}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, العدد = {49} ، السنة = {2000} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@article{صالح1998مفهوم, title={مفهوم المعاصرة في شعر نزار قباني}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, العدد = {31} ، السنة = {1998} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}
@misc{صالح2018في, title={في منهجية البحث العلمي}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2018} ، publisher={الحداثة}}
inproceedings {صالح 2019 النقد، title={النقد العلمي والواقع الثقافي العربي}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={مؤتمر ملتقى الأدب الوجيز التأسيسي في بيروت - 2019 بعنوان: الأدب الوجيز هوية تجاوزية جديدة}, number = {} ، الصفحات = {5} ، السنة = {2019} ، organization={ملتقى الأدب الوجيز}}
incollection {صالح 2020 الأدب، title={الأدب الوجيز : المكوّنات الستة والسمات الثلاث - إطار نظري في النوع الأدبي}, author={صالح, كامل فرحان}, booktitle={ملتقى الأدب الوجيز}, الصفحات = {23} ، السنة = {2020} ، publisher={ملتقى الأدب الوجيز}}
@misc{صالح2020أدب, title={أدب النهضة والمهجر تباين الاتجاهات وفاعلية التحولات}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2020} ، publisher={الحداثة}}
@misc{صالح2020أشكال, title={أشكال الأدب بين القدامى والمحدثين}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2020} ، publisher={الحداثة}}
@misc{صالح2020جروح, title={جروح المخيلة - قضايا واتجاهات في الشعر العربي الحديث والمعاصر}, author={صالح, كامل فرحان}, السنة = {2020} ، publisher={الحداثة}}
@article{صالح2020نهضة, title={نهضة الأدب العربي النثري : لبنانية أم مصرية؟}, author={صالح, كامل فرحان}, journal={مجلة الحداثة}, الحجم = {27} ، الرقم = {211/212} ، الصفحات = {13} ، السنة = {2020} ، publisher={مجلة الحداثة فصلية ثقافية محكمة - لبنان}}كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on February 02, 2021 04:52

January 27, 2021

نهضة الأدب العربي النثري: لبنانية أم مصرية ؟

� كامل فرحان صالح *- خريف 2020، ع 211/ 212* بحث جديد لي منشور في مجلة الحداثة - al hadatha journal
نبذة عن البحثقاد خروج المجتمع العربي وأدبه ولغته من مستنقع التخلف والانحطاط والغرق في المحسنات اللفظية والخلط بين العامية والفصحى في الكتابة، مجموعة من الشخصيات الأدبية والفكرية والسياسية والدينية بدءًا من القرن الثامن عشر، وقد ساهم التلاقح الحضاري والفكري والثقافي بين العرب والغرب، إلى المضي قدمًا في بلورة مشاريع نهضوية عربية تجلّت على غير مستوى. لكن، يلحظ أن آراء مؤرخي الأدب العربي الحديث، تتباين في مسألة تحديد بدايات التحول في اللغة الأدبية، وخروجها من الوهن الذي سيطر عليها؛ ففيما يرى المؤرخ الأدبي المصري شوقي ضيف (1910 � 2005) أن نهضة النثر الأدبي العربي بدأت في مصر في القرن التاسع عشر، وتحديدًا منذ أرسلت البعوث إلى أوروبا، ثمة من يرى أن طلائع التحول في الأدب العربي ظهرت على أيدي الأدباء اللبنانيين الذين لم تكن لهم أية صلة بما حدث في مصر إثر الحملة الفرنسية (1798 � 1801)، فالنثر العربيّ � بحسب هذا التوجه - لم يندثر تمامًا تحت وطأة التصنع والتقليد والتعقيد، بل كان هناك مَنْ يكتب بالنثر المرسل، بل وينادي بالتجديد، ويندد بالكتابة المصنوعة، فالكتّاب اللبنانيون هم الذين نهضوا بالنثر، قبل المصريين، وقبل حملة نابليون بسنوات.* أستاذ في الجامعة اللبنانيةكامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on January 27, 2021 17:54

خذ ساقيك إلى النبع لكامل صالح و حسن الذي انتصر لقصيدة النثر

كُنت أقضي خدمتي العسكرية عام 2015 كجندي، وعندما انتدُبت من وحدتي الأساسية إلى وحدة أخرى حدثَّني الكثير من الزملاء عن (حسن) قبل أن نلتقي، وما هي إلا أيام وعاد حسن من أجازته والتقينا، شاب صعيدي عمره ستة وعشرون عامًا، أكثر من عرفتهم في الجيش حركة ومشاغبة واختلاقًا للمشاكل، كنت أشعر أنه يحب المشاكل لكسر الملل أكثر من أي شيء آخر، وكان قد انتقل من وحدته الأساسية أيضًا إلينا بسبب إصابة لحقت بواحدة من أرجله، وبالتالي كان بمثابة ضيف لدينا، فهو موجود فقط ليتابعه أطباء الفرع، وباختصار وحدته الأساسية استغلت فرصة إصابته للتخلص منه.لحسن عادات كثيرة متعبة ومزعجة لكن كان أكثرها إزعاجًا لنا هو عشقه للشاعرهشام الجخ، كان يأتي بهاتف صيني صوته عالٍ جدًا عليه كل قصائد هشام الجخ، ولأن حسن ضيف في فرعنا وليس له عمل محدد فكان من عادته أن يسهر الليل بطوله وينام الصبح كله، وماذا يفعل في الليل؟ بالطبع يستمع بأعلى صوت ممكن لقصائد هشام الجخ ويرددها معه، والأسوأ من هذا أنه كان يستخدم في هذه الجلسة الشاعرية مع نفسه على الأقل سبع أكواب من الشاي مثلًا، ومعهم كيلو من السكر طبعًا، لذلك أصبحنا نخبِّيء منه الشاي والسكر لكن للأسف لم نستطع أن نخبّيء منه الجخ أبدًا.قضيت فترة طويلة من خدمتي العسكرية في القراءة، كانت السبيل الوحيد للاستفادة من الوقت والقضاء على الملل مساءًا، في أحد الأيام كنت أحضرت كتاب (خذ ساقيك إلى النبع) لكامل فرحان صالح، ولم أكن أعرف كامل ولا بالطبع مستوى الكتاب، لكنني وجدته في مكتبتي وقررت إحضاره للاطلاع عليه، رأي حسن الكتاب في يدي، سألني عنه، قلت له أنه شعر، فتح الكتاب أخذ يقرأ وقال لي إن هذه السطور لا تبدو شعرًا فهو حتى لا يرى الحروف المتشابهة في آخر الكلمات، شرحت له ببساطة أن هذا ما يسمونه قصيدة النثر، فهو شعر لكن لا يلتزم بوزن ولا بقافية، اندهش حسن في البداية لكنه قرر قراءته.حسن صاحب تعليم متوسط، كذلك مستوى ثقافته، وهو لا يجيد قراءة الفصحى ولا نطقها جيدًا، لكنه يمتلك ذكاء فطري وحبًا حقيقيًا للشعر، فتح حسن الكتاب، وكان لدي ثقة أنه أولًا لن يفهم معظم ما سيقرأ وهذا ليس عيبًا في حسن لكن لأن قصيدة النثر بطبيعتها مكثقة جدًا وضبابية أحيانًا كثيرًا وبعضها سوريالي، أضف لهذا الصعوبة التي ستواجه حسن في التعامل مع اللغة، لكني على كل حال تركت له الكتاب كي نستريح جميعًا من حركته المستمرة ومشاكله التي لا تنتهي أبدًا.كل عشر دقائق أجد حسن يتحرك من مكانه ويقرأ لي شيئًا من الديوان معجبًا به جدًا، يقول لي انظر كيف يصف كذا؟ أو ما رأيك في هذا التعبير الرائع؟ كنت متعجبًا جدًا من حسن لكني كنت أتجاوب معه، وكلما قرأ أكثر كلما ازداد اندماجه وحبه للكتاب أكثر لدرجة أنه قال لي (كيف تستطيع أن تنام وفي حوزتك هذا الكتاب؟) .. سهر حسن الليل وقرأ الديوان كاملًا وانتهى منه وهو في غاية الإعجاب بهذا الشعر الجديد الذي لم يتعامل معه من قبل، علاقته الحقيقية بالشعر كانت تتمثل في هشام الجخ، وفجأة يرى شعرًا من عالم آخر يقولون أنه قصيدة نثر بلا وزن أو قافية .. لقد أحب حسن متعة التحرر من الوزن والقافية وقراءة شيء شاعري بغير تكلف شروط شعر التفعيلة المعتادة، هكذا وببساطة انتصر حسن لقصيدة النثر التي عرفها لأول مرة فقط لأنها مسَّت شيئًا بداخله.منذ أن كتبت الشعر وبدأت الاختلاط بوسط نوادي الأدب الذي لم أحبه قط وأنا أسمع نقاشات حول قصيدة النثر، ووجدت الكثير من المثقفين كارهين لها ولكُتَّابها ويرونها امتدادًا
لاندثار المعايير من الفن عمومًا، فهم يرون أن شعرًا بلا وزن ولا قافية يستطيع أي شخص أن يكتبه، وهل يُعقل أن يصبح فنًا ما سهل لهذه الدرجة؟ وفي المقابل كان هناك الكثير من المتعصبين لقصيدة النثر، الذين يعتقدون في حتميتها، وأن الوقوف في وجهها هو وقوف ضد التطور، ويشبهون التيار الذي يعترض على قصيدة النثر بعباس العقاد الذي كان معترضًا بشدة على شعر التفعيلة وكان يرفض أن يطلق عليه شعر ويصنفه نثرًا، وموقفي أنا الشخصي_غير المهم_ من قصيدة النثر هو موقف (حسن) منها، ما دمت أستطيع أن أستمتع بها فسأقرأها، وما دمت أشعر فيها بمشاعر جديدة وتصادفني رؤىً وأفكار مختلفة عن الحياة في شكل شعري فسأعتبره شعرًا، ولا يعنيني فيها أكثر مما عنى حسن أو أكثر مما قاله نجيب سرور:الشعر مش بس شعر لو كان مقفى وفصيح .. الشعر لو مسّ قلبك وقلبي شعر بصحيح.
كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on January 27, 2021 17:16

January 20, 2021

ابداعات : قصائد قصيرة لـ كامل صالح - لبنان


قصائد قصيرة *� كامل صالح - لبنان
سننمو كصفصافة النهرنخزّن روائح الأيامكلام الحصى للمياهنظلل النرجس وفراشات الغيابندوّن بوح العشاق على شغف الأعشابوننموننموكإيمان الطيبين المقدسنربّي الله في القلوبنحميه من عباءات النسيان***لست قادرا على تذكر تفاصيلكِالحكايات تهرّ مني كلما سكتتهرّكنوم شجر الصفصافوقبل صياح الديكأراني ضائعابين المسيح وشهرزاد.***
في المساءتنضج الهواجسويبدو الموت خلف الباب***وأنتِ تطوين هذا الشغفاخرجي قليلا الى الهواءلا تلتفتيلا تندمي على طيّب مثليوابتعدي كقافلة مهاجرةفأنا عندما أحببتكِ فقدتكِ.
كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on January 20, 2021 03:42

January 17, 2021

ثنائية العلم والخيال العلمي في حب خارج البرد - love outside the cold

سلام كمال أبوقيس تؤكد أن رواية "حبّ خارج البرد" لكامل فرحان صالح من الرّوايات الحديثة الّتي تناولت إشكاليّة الوجود الإنسانيّ في مواجهة ما استجدّ على صعد مختلفة
مرايا الذات في ثنائيّة العلم والخيال في رواية حبّ خارج البرد لكامل فرحان صالحـ دراسة بنيوية نفسية- رسالة ماجستير للباحثة سلام أبو قيس - الجامعة اللبنانية
� محمد الحمامصي - الأربعاء 2020/09/30 - middle-east-online

أكدت الباحثة اللبنانية سلام كمال أبوقيس أن رواية "حبّ خارج البرد" للشاعر والروائي د.كامل فرحان صالح من الرّوايات الحديثة الّتي تناولت إشكاليّة الوجود الإنسانيّ في مواجهة ما استجدّ على صعد مختلفة، ومنها: العلم والتّكنولوجيا والرومانسيّة والخيال العلميّ والكوارث الطبيعيّة والنّظرة إلى الحاضر والمستقبل، وفق هذا المستجدّ من زوايا مختلفة: موضوعيّة وغير موضوعيّة، إيمانيّة وغير إيمانيّة. الأمر الذي دفعها لاختيارها محورا لأطروحتها المعنونة بـ "مرايا الذات في ثنائيّة العلم والخيال في رواية "حبّ خارج البرد" لكامل فرحان صالح ـ دراسة بنيوية نفسية" والتي نالت عنها درجة الماجستير أخيرا من الجامعة اللبنانية ببيروت

وقالت إن أهمية أطروحتها تتأتى من كونها تتناول ما في الرواية من قلق وجوديّ على مصير الإنسان، في زمنٍ بات فيه الارتكاز على الرقميّة أمرًا أساسيًا في حياتنا المعاصرة، وتحوّل الإنسان نفسه إلى رقم، وتغيّر مفهوما الزّمان والمكان، وعمّت ثورة الاتّصالات في كلّ شيء، وبات البشر أمام المعضلة الكبرى المتركّزة في القلق على المشاعر الإنسانيّة: هل يحيا الإنسان من دون مشاعر وأحاسيس؟ هل يتحوّل إلى آلة مسيّرة بتكنولوجيا محضة؟ وهل يُستغنى عنه؟ وهل صحيح أنّ الإنسان يخلق مثيله؟ أمور تطرحها الرّواية، والوقوف لمناقشتها يحتلّ أهميّة بارزة في هذا الزّمن على غير صعيد

ولفتت سلام إلى أن رواية "حبّ خارج البرد" تنضوي تحت ثنائيّة العلم والخيال المتفشيّة في ثنايا الرّواية، حيث إنّ الرّواية تحفل بالعلم وبالخيال العلميّ. كما أن ما تقدّمه الرواية هو الخيال العلميّ المتمثّل برؤية العالم في العام 2032 حتّى العام 2071، بالإضافة إلى مسألة الإيمان والإلحاد وقضيّة الموت والحياة

وأضافت "أيضا تعود أهمّيّة الأطروحة إلى إفادة القرّاء والباحثين في هذا المجال، من ناحية العلم وسيطرته على الإنسان وتحويله إلى آلة، وموت القيم والمشاعر الإنسانيّة بين البشر، في زمن الفوضى والسّرعة. سأتطرّق إلى مرآة الذّات في الرّواية، كون لها علاقة بالشّخصيّات والإشكاليّة، فمرحلة المرآة تقع من عمر الإنسان بين الشهر السادس والشهر الثامن عشر، وهي فترة يتمتّع فيها الإنسان الصّغير بالقدرة للمرّة الأولى، بالرّغم من افتقاره للقدرة على السّيطرة على نشاطات جسمه، على أن يتخيّل نفسه كيانًا مترابطًا يهيمن على نفسه. وتتعيّن له هذه الصّورة حين يرى صورته في المرآة. بالإضافة إلى ثنائيّة العلم والخيال، كون بعض الشخصيّات تؤمن بأنّ العلم يحلّ جميع ألغاز الكون، لذلك لجأ جزء منها إلى الخيال، ولجأ جزء آخر إلى العلم للهروب من الواقع

في ضوء ذلك يهدف هذا البحث إلى الكشف عن ثنائيّة مهمّة تقوم عليها بنية الرّواية، ألا وهي العلم والخيال العلميّ من خلال حوادث وشخصيّات وتنبّؤات يضعها الكاتب، وينظر إليها من خلال ذاته الّتي تتحوّل إلى مرآة تعكس التصوّرات والتّأثيرات المتبادلة بين الحدث الواقعيّ والنّفس الرومانسيّة الحالمة بمستقبل أفضل تتحقّق فيه الأمنيات. إلاّ أنّ الخيبة والاتّجاه إلى التّقوقع، والعودة إلى الواقع بمشكلاته الحادّة، وعاداته وتقاليده تشدّ الإنسان إليه وتجعله يتقاسم الرّؤية بينه وبين الذّات، في زمنٍ لم يحدث بعد، وبخيالٍ علميّ يندفع ما يزيد على خمسين سنة إلى الأمام

وأشارت سلام إلى دافعين كان وراءا اختيار موضوع أطروحتها: الأول الدّافع الذاتي: ويتركّز على قراءتي القصص والرّوايات العلميّة والخياليّة الّتي تفتح آفاق الذّهن من أجل التخيّل والإبداع. والثاني الدّافع العام: ويتأتّى من كون الرواية غنيّة بالعلم وبخيال علميّ واسع تستهوي من يعجبه هذا النّوع، علاوةً على أنّ هذه الرّواية تطال مستقبل حياتنا نحن العرب، فأين نحن من التطوّرات الكونيّة الحديثة؟ وما مصيرنا في الرّقعة الرقميّة الّتي جعلت العالم قرية كونيّة؟وأوضحت أن فرضيّة الموضوع تتمحور في تطوّر النّظرة إلى موضوع مرايا الذّات في ثنائيّة العلم والخيال، فالإشكاليّة السّابقة تفرض مجموعة من الفرضيّات الّتي يمكن تبويبها على الشكل الآتي: أولا قد يكون الخيال هو الحلّ الأخير للذّات للخروج من مآزقها. ثانيا ربّما ظهرت الذّوات المريضة في الرّواية من خلال عقدها النفسيّة، وربّما الحزن سيطر على حياتها. ويطرح الكاتب نفسُه فرضيّات وإشكاليّات بُغية الإجابة عن سؤال نفسه: ما هو المصير الإنسانيّ أمام التطوّر العلمي؟ ولِمَ الارتباك الّذي داخل المؤلّف وهو يستشرف المستقبل الإنسانيّ؟ ولِمَ يلجأ إلى الخيال كما يلجأ إلى العلم؟ ولِمَ لَمْ يُجب عن سؤاله النهائيّ: الذات أو الخيال أو العلم؟ ولِمَ أخفق في الإجابة عن أسئلته، وترك تساؤلاته كلّها، وانطوى على نفسه متأمّلاً المستقبل؟

وكشفت سلام أنه بعد القراءة المعمّقة لرواية "حبّ خارج البرد"، وجدت من المناسب اتّباع المنهج البنيوي السّردي مع الاستعانة بالمنهج النفسيّ التحليليّ. وقالت "السرديّة هي المنهج البنيويّ المختصّ بدراسة الرّواية، وحين التحدّث عن البنيويّة يكون المقصود مكوّنات العمل الإبداعيّ، وهي: المنظور الروائيّ والشخصيّات والزّمان والمكان. وإنّ مكوّنات البنية ليست تجميعًا كمّيًّا، لكنّها اجتماع وظيفيّ يأخذ كلّ مكوّن منها مكانه الوظيفيّ بما يتناسب مع الوظيفة الأساسيّة للبنية الكليّة، والمكوّنات مستقلّة لا قيمة لها، بل تستحوذ على قيمتها من دورها داخل البنية

الرواية موضع التطبيق في الأطروحة "حبّ خارج البرد"، للشاعر والروائي د.كامل فرحان صالح صدرت للمرّة الأولى عام 2010، وقد أهداها "إلى المستقبل كن أكثر إنسانيّة"، وهي تتألّف من مئة وإحدى وخمسين صفحة من الحجم المتوسّط. يضع الرّوائي نبذة عنه وعن أعماله الشعريّة والرّوائيّة، وتُستهلّ الرّواية بكلمة لبطلها كتبها في "بيروت" صباح يوم الأحد 18 / 1 / 2071

وتتوزّع الرّواية الّتي وضع الكاتب اسمًا آخر لها بين قوسين "ابن الماء"، على أربعة فصول: خارج الموت - خارج البرد - خارج الماء وخارج الحياة، مدعّمًا بداية هذه الفصول ببعض قصائد ومقولات لشعراء وكُتّاب عرب وغربيّين. ووردت في الرّواية بعض الكلمات والأمثال العاميّة "ما تزعل"، "زريبة للطّرش"، "بعد الزّلزال أصبحت الحبّة قبّة"

توزّعت الأطروحة على مقدّمة وفصلين وخاتمة. تحدّثت الباحثة في المقدّمة عن أهميّة الموضوع وأسباب اختياره والإشكاليّة والفرضيّات والمنهج ونقد المدوّنة. وفي الفصل الأوّل تحدّثت عن البناء السردي للرواية من حيث سيمياء العنوان وبناها الكليّة والجزئيّة، ثمّ الوحدات السرديّة الأساسيّة والإدماجيّة، وصولاً إلى محرّك هذه الوحدات

وبحث الفصل الثاني في بناء الشخصيّات وهويّتها العقلانيّة، الرومانسيّة والمضطربة وبرامجها السّرديّة، وصولاً إلى البنية الدلاليّة

وخلصت سلام في المحصّلة إلى جملة من الأمور استنتجتها نتيجة دراسة "مرايا الذّات في ثنائيّة العلم والخيال" في رواية "حبّ خارج البرد"، حيث إنّ البطل في صراعه الدّائم للبحث عن معشوقته وإعادتها إلى الحياة، يتعرّض لعراقيل جمّة تسدّ عليه الطّريق للوصول إلى الهدف المنشود

"قالت "ترسم الرّواية شخصيّات متنوّعة فمنها العلميّة ومنها الرومانسيّة ومنها المضطربة. تصارع مجموعة من المعوّقات بكلّ ما تمتلكه من تطوّر وتكنولوجيا وحداثة في جميع مرافق الحياة، في مجتمع متحضّر ومنفتح، وتتّصف بخصائص تشعرها بالنّقص على المستوى النّفسي، ما أثّر في برامجها السّرديّة وعلاقتها بثناثيّة العلم والخيال. وتاليًا، تتأطّر هويّة الشخصيّات النفسيّة تحت عناوين عديدة، يمكن حصرها بالعقلانيّة العلميّة والرومانسيّة والمضطربة

نرى أنّ شخصيّة البطل في الرّواية تدلّ على أنموذج الرّجل الّذي يفتك بأغوار حياته حبّه الرّاحل، وما يؤكّد ذلك أنّه يستمرّ في البحث عن بابٍ أملٍ يعيد الحياة إلى معشوقته، فهو يتخبّط منذ صفحات الرّواية الأولى على حبّه المفقود، فيعاني ويتألّم ويكتئب، حتّى تكاد صرخته المدوّية تصل إلى أعماق قلوبنا. وتتجلّى بعض النتائج منها، فقدان القيم الرّوحيّة وانعدام المشاعر الإنسانيّة بين البشر، الإيمان بات سمة نادرة لدى غالبيّة البشر، حيث أصبحوا ملحدين ولا يخافون من الله، عودة الإنسان إلى ذاته وإنسانيّته، العودة إلى اللّه والرّوحانيّات والتّسلّح بالإيمان، الإبتعاد عن الماديّات، ضرورة إيمان الإنسان بالقدر والمصير، العاقبة الوخيمة للتحكّم بالمصير وبمشيئة الله. إنّ التطوّر الحاصل في جميع مرافق الحياة سهّل معيشة الإنسان، كما وعمد إلى تقصير الحدود والمسافات بين البلدان، ولكنّه في الوقت عينه قضى على الإنسان، حيث بات بمقدور الآلة القيام بما يقوم به البشر


كامل فرحان صالح - Kamel Farhan Saleh
 •  0 comments  •  flag
Published on January 17, 2021 20:44

Kamel Farhan Saleh's blog

كامل فرحان صالح
هذه مدونة كامل فرحان صالح
وهو شاعر وناقد وأكاديمي لبناني
Follow كامل فرحان صالح's blog with rss.