“وأكثر متضرّر بـ (الاطّلاع)، من كان يعيش في بيئة منغلقة على نفسها، تزعم الوصول إلى "اكتفاء ذاتيّ" في مجال الثّقافة والفكر؛ فإنّ الاطّلاع المفاجئ على ثقافة الغرب وحضارته، بعد سنوات طويلة من التّقوقع الفكريّ الصّارم، يفضي إلى الانبهار الماحق.
و(للولوع) بالثّقافة الغربيّة مظاهر مرضيّة لا تخطئها عين الفطن، منها التّسارع إلى المصطلحات والمفاهيم الغربيّة لأدنى سبب؛ ومنها تعمّد الإكثار من النّقل عن حكماء الغرب وفلاسفته، وقد يكون الكلام المنقول ممّا يوجد نظيره أو أفضل منه في الحضارة الإسلاميّة؛ ومنها إدمان القراءة في كتب الفلسفة الغربيّة مع ضعف الحصانة الشّرعيّة؛ ومنها كثرة الثّناء على تقدّم الغربيّين العلميّ، وأدبهم الاجتماعيّ، وقيم النّظام والتّخطيط لديهم، مع قدر غير قليل من احتقار النّفس وجلد الذّات؛ ومنها الرّطانة باللّغات الأوروبيّة، والشّغف بالأدب الأوروبيّ.
وهلمّ جرّا..
ثمّ بعد (الولوع) ما يبقى إلّا (الاتّباع)..
(د. البشير عصام المرّاكشي، العلمنة من الدّاخل ص 283-284)”
―
البشير عصام المراكشي,
العلمنة من الداخل