"الخرافي جرثومة العقل، لا يشفى حاملها إلا بالموت" هكذا تستهل منى الشمري روايتها "خادمات المقام" في افتتاحية تفض الحكاية ونهايتها قبل البدء.خادمات الجهل
"الخرافي جرثومة العقل، لا يشفى حاملها إلا بالموت" هكذا تستهل منى الشمري روايتها "خادمات المقام" في افتتاحية تفض الحكاية ونهايتها قبل البدء. تدور الأحداث في جزيرة فيلكا من قبل نسوة يخدمن المقام أو يطفن حوله تعلقا بالأمل الغائب. ماريا الحبشية، التي خطفت أمة ليصل بها المطاف إلى أن تكون سيدة المقام. أم وحيد الغائب صاحبة الرؤى المحققة، وزبيدة وابنة أختها عذبة القارئة للجاحظ وصوت العقل بعيدا عن الخرافات ومنيرة الباحثة عن أي طريقة لتحصل على جائزة الأمومة وزوجها فهد.
الرواية تبدأ بالصعود ورسم الخط في ثلثيها الأولين بدءا من الغريقة التي يلقيها الشاطيء على أعتاب قرية في فيلكا لتتصاعد الأحداث راسمة ظروف الشخصيات وأحلامها وتقاطعاتها لتنتهي الأحداث بشكل متسارع في الثلث الأخير وتنتهي القصة بهدم المقام ولكن أيضا بهرب ماريا ممثلة الخرافة والجهل من فيلكا إلى مدينة الكويت.
في الرواية تمثل الروائية منى الشمري الخرافة والجهل بماريا الحبشية القادمة من بيئة أفريقية عبر تذكر طفولتها حول الكاهن فترتدي أزياء مُستغربة في بيئة كويتية لكن لم يتستهجنها المجتمع الكويتي المحافظ والمليء بخرافات خاصة به دينيا أو اجتماعيا لم تتطرق لها الكاتبة واكتفت بالمقام المزيف الذي التفوا حوله. كما أن التسارع في الوصول للنهاية الرواية يظهر التحكم الكبير من الكاتبة بأبطالها مما أضعف النص بينما كنت أتمنى نهاية قوية كما كانت بداية الرواية قوية. الرواية خفيفة استمتعت بقرائتها ومن الممكن أن اصنفها بوصفها نوفيلا وليست رواية رغم عدد الصفحات....more
أحيانا تستعصي عليك كتابة مراجعة لرواية معينة لاعتبارات كثيرة، منها عندما تتساءل مع ذاتك كيف تستطيع الموازنة بين سقف التوقعات والواقع المقروء. أحيانا تشأحيانا تستعصي عليك كتابة مراجعة لرواية معينة لاعتبارات كثيرة، منها عندما تتساءل مع ذاتك كيف تستطيع الموازنة بين سقف التوقعات والواقع المقروء. أحيانا تشعر بأن عليك ألا تكتب، تحتفظ بأفكارك لذاتك مكتفيا بالحوارات مع بعض الأصدقاء لتقيس وتقيِّم رأيك مقابل آرائهم. لكن بتشجيع من أصدقائك ذاتهم، تقرر أن تخوض غمار الكتابة ومراجعة هذا النص نقديا، باعتباره مستقلا عن شخص الكاتب من كان. العمل الذين سيتم تناوله في هذه المراجعة هو رواية (السندباد الأعمى) للروائية بثينة العيسى بعد أن قرأت روايتها كل الأشياء في زمن قريب من زمن قرائتي رواية السندباد الأعمى كما نُصحت كون الروايتان تنتميان إلى زمنين متلاحقين متقاربين في بعض مواضع النص، إضافة إلى ظهور إحدى الشخصيات في رواية كل الأشياء كضيف شرف ومرور عابر في رواية السندباد الأعمى “عبدالمحس� العظيمي�! في كتابه (مورفولوجيا الحكاية)، يحلل فلاديمير بروب الحكايات ليس عبر موضوعاتها فقط وإنما يضيف إليها النظم الإجتماعية التي ولدت فيها هذه الحكايات. فالصنعة الروائية هي عملية تفاعلية للمكونات الداخلية من مكان و زمان ولغة و شخصيات تشكل بمجملها حكاية صنعت متأثرة بنظام إجتماعي كتب فيه الكاتب وصدر له سواء عبر عتباته النصية التي صدرت ورقيا أو عبر الوسائط الجماهيرية للترويج للكتب. وهنا علينا أن نضيف إلى قراءة العمل الوصف الذي وصفت به الكاتبة بثينة العيسى عبر أكثر من خبر صحفي رواية السندباد الأعمى في ترويجها لها بأنها: “أنه� رواية عن الحب والصداقة والخيانة، عن الالتزام السياسي والحرب، عن سقوط الشعارات وعن التناقضات في عالمِ فقد نقاءه إلى الأبد، حيثُ تنتهي تلك العناوين العريضة إلى حيوات عبثية في عاديّتها. إنها رواية عن هؤلاء الذين ظنوا بأنهم مختلفين، ومسكونين بالالتزام والعقائدية، فإذا بحادثةٍ واحدة تقلبُ المشهد رأسًا على عقِب�. وقد وصفت رواية كل الأشياء بشكل مقارب في سياقات ووسائل جماهيرية مختلفة. ستكون هذه القراءة عن رواية (السندباد الأعمى) ولنا عودة لاحقة لرواية (كل الأشياء). تبدأ رواية (السندباد الأعمى) بمشهد افتتاحي جميل ولقطة تصويرية للسجون التي تحرر سكانها من وزرهم بإنعدام القوانين ودخول البلد في حالة فوضى خلق منها سجنا أكبر. هذه البداية، وكعادة الكاتبة بكتابة مشهد أولي جميل لرواياتها، يُخلق هذا التساؤل حول الفوضى التي أطلق سراحها في البلد وحكايات السجناء ومصائرهم. مع المشهد الأول نتماس هنا مع أول شخصية محورية في العمل، نواف. ليعود زمن السرد لسنة سبقت هذا الغزو لتحكي قصة نواف و نادية وعامر. تدور الرواية في صميمها حول الدفاع عن الشرف وجريمة قتل الزوجة من خلال زمان الحكاية الممتد من ماقبل التسعينيات عبر الأزمات السياسية التي مرت على الكويت، مرورا إلى الغزو العراقي وحرب التحرير، ختاما بزمن الكورونا. وهو زمن ممتد حافل بالأحداث السياسية و التاريخية على مستوى الكويت و العالم العربي. الرواية تحكي حكاية مثلث الخيانة المعهود، الزوجة البائسة والزوج المتجبر والصديق الخائن. هذه الحكاية المتكررة بتنويعاتها ونهاياتها تضعها الكاتبة في قلب زمن ومكان تعرفه وتعيه جيدا، وتحاول أن تخلق علاقة تأثير وتأثر بين هذا الزمن والمكان وشخصيات العمل السردية. ما يطرح في ذهني التساؤلات التالية: � هل توضحت ملامح الصراع المذهبي وتأثيرها على الشخصيات؟ � لو أخذنا أبطال العمل وحكاية الخيانة و جريمة الشرف إلى زمن و مكان مختلف. لنقل مصر مثلا خلال أحداث الربيع العربي أو العراق خلال حرب ٢٠٠٣ أو لو تم اختراع حرب أو أزمة مفتعلة في بلد افتراضي هل سيؤثر هذا التغيير على أبطال العمل، بناء الشخصيات، تفاعلها، أسباب الفعل ونتائجه؟ � هل أثّرالغزو العراقي للكويت على شكل العلاقة بين نواف وعامر؟ � هل ساهم ضياع الوطن وضياع الهوية في خلق زاوية رؤية جديدة أو أنهيار/بناء لقيم داخل الشخصيات؟ •� الرواية التي امتدت إلى زمن الكورونا بقفزة واسعة، هل ساهم هذا الحدث في هذا التأثير؟ ما أراه بأنه رُبما الحكاية التي أريد لها أن تكون نتيجة وسبب أحداث سياسية وتاريخية وأن تناقش الإنسان ودوره السياسي والتزامه وتأثير هذه السياسة عليه أو تأثير ضياع الوطن والهوية و التلاحم / التفارق العربي لم تؤثر نهائيا على أبطال العمل، ما قرأته كان عالما لأبطال غارقين داخل ذواتهم المتضخمة بأفكار شخصية قد لا تبرر في بعض المواضع أفعالهم، مع بعض إشارات خجولة وباهتة تشير لشكل المكان و الزمان الذي حدثت فيه الأحداث عبر ذكر العدنيات أو أنواع الطعام الكويتي وطبخه وخطوات النفاس بالإضافة إلى بعض الإشارات لبعض الأحداث السياسية والتحشيد العراقي ووصف لبعض أشكال المقاومة لا تكفي لأن نطلق على الرواية رواية سياسية تتكلم عن الإلتزام السياسي والحرب، عن تشكل القيم وبنائها وهدمها. من خلال شخصية مناير، إبنة نادية ونواف والعم الافتراضي عامر، نجدها تسرد أحداثا ذاتية غارقة في تفصيلات طفولية حول الهامش والمركز، حول ضياع الأب وإلغاء الأم وتسيد الجدة. الحكاية حكاية مناير الأبنة التي حملت وزر الأم وأعادت الكرة ذاتيا مع ابنتها هدى / نادية التي تولد من جديد. ولو اختلفت المسببات لكن النتائج ذاتها. كنت أود وأنا أقرأ أن أتعرف أكثر على نادية والصراع الداخلي الذي أدى إلى تلك الليلة/القبلة. أن نكون شهودا في الصراع وأن نكون وجهة نظر. في الغالب لدى الكاتبة في روايات أخرى مثل (خرائط التيه) أو (كبرت و نسيت أن أنسى) القدرة على تشريح والغوص في عمق الشخصية وهو ما لم يحدث في رواية (السندباد الأعمى)، حيث الوصف والحوار الداخلي كان عرضيا عابرا لا يحرك الحدث بعمق ولا يؤدي بالضرورة إليه. السؤال الأهم، لماذا نكتب؟ استمرارا لسيرة الكتابة أم استمرارا لسيرة الحدث وهو أصل الرواية....more