لأن القارئ العربي عندما يريد أن يقترب من قراءة الفكر الفلسفي الغربي يحتاج إلى قراءة تاريخية شاملة تستوعب هذا الفكر من بداية نشأته إلى نهاية تشكلاته الأخيرة المعاصرة. وهو بحاجة لدراسة علمية متخصصة بعيدة عن الإنشائية والخطابية سواء كان في سياق الهجاء أو المدح، وبعيدة -كذلك- عن حالة الاستلاب أو الاغتراب أثناء دراستها لهذا الفكر. والقارئ بحاجة -أيضا- لرؤية علمية تُعمل الجانب النقدي، وتحاول أن تنظر إلى هذا الفكر نظرة كلية لا تجزيئية: تقرأ جانباً وتتغافل عن جوانب أخرى، أو تركز على سياق وتتجاهل سياقات أخرى، سواء كان ذلك في جانبها الإيجابي أو السلبي.
وأخيراً هو بحاجة لكتابة تقترب من لغة القارئ غير المتخصص من خلال كتابة المتخصصين الذين يجمعون مع الاطلاع على مصادر هذا الفكر الأصلية، التمكن من الفهم الفلسفي، والرؤية الإسلامية الناضجة التي تستطيع أن تحاور وتناقش بروح علمية موضوعية. نحاول من خلال هذه السلسة في هذا المشروع أن نقترب من حاجة هذا القارئ العربي ونلتزم بتلك السمات والخصائص لمثل هذا النوع من الدراسات...وهذه الدراسة هي الحلقة الأولى من حلقات هذا المشروع.
باحث وكاتب مغربي حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة، من كلية الآداب، جامعة محمد الخامس بالرباط. ويعمل حاليا أستاذا للتعليم العالي في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين/ طنجة، له مجموعة كثيرة من المقالات والدراسات منشورة في مجلات وصحف محلية ودولية. صدر له مجموعة من الكتب من بينها: كتاب "مشكلة الثقافة". كتاب "قضايا في الفكر الإسلامي المعاصر". كتاب "مقاربات ورؤى في الفن" كتاب "نقد الفكر الفلسفي من جزأين. يشرف الطيب بوعزة على التحكيم العلمي لبحوث قسم الدراسات الفلسفية والعلوم الاجتماعية بمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
كتاب موجز وكثيف العبارة والدلالة، وذكي الاستشكال والاستدلال والخلاصات، وإن كان قد يؤخذ عليه منهجيّاً عدم وحدة موضوع الكتاب أو عدم استكمالها والاكتفاء بنفي مقولة المعجزة اليونانية لصالح وصل الفلسفة اليونانية بأصول مشرقية، دون استكمال التصنيف الذي أشار إليه في المقدمة، أي تقسيم مراحل الفلسفة (أو هدف الفلسفة) من الإدراك إلى الحيازة إلى اللذة.
كتابٌ ماتعٌ أعجبني جدًا لعذوبة الألفاظ وسهولتها مقارنة بغيره فضلًا عن تمكنه من أدواته النقدية. أولًا: في دلالة الفلسفة إن البحث عن دلالة الفلسفة هو صورة من صور التفلسف، لكن ما هي الفلسفة؟ هكذا بدأ السؤال وانتهى إلى هاهي الفلسفة؟ لقد تعددت تعريفات الفلسفة بتعدد الفلاسفة أنفسهم فلا تجد تعريفًا يسلم من النقد! ولذلك تكون الممارسة الفلسفية وقراءة الفلسفة ومحصول الفلاسفة وفحصه أفضل من البحث عن تعريف لن تعثر فيه!
ثانيًا: في سؤال النشأة من الفصل إلى الوصل أي: من فصل أوروبا للفلسفة اليونانية عن الحضارات الأخرى السابقة واعتبارها مُنتجًا يونانيًا خالصًا وُجد كمعجزة! هكذا يقول الأوروبيون (إلا أقل القليل) عند الحديث عن نشأة الفلسفة، فهي نشات على يد طاليس ولكن كيف؟ معجزة! وتجد أن المركزية الأوروبية والأنا حاضرة في هذا التفسير، فالاستعلاء الأوروبي يرفض أن يكون للشرق فضل في نشأة الفلسفة! وهذا عجيب، وبين نظرة تكمن هذا الاستعلاء العرقي وأخرى فظة تُصرح بالاستعلاء الآري على غيره من الأجناس تنقسم النظرة الأوروبية في بحثها لسؤال نشأة الفلسفة مع تبرير خائب أو تلفيق عند الحديث عن أي تواصل بين الإغريق مغ المصريين أو مع الفينيقيين أو حتى الهنود الذين نشأت فلسفتهم - كما بين الدكتور الطيب بو عزة - قبل الإغريق بقرن ونصف القرن. أما الوصل: فهو الفرض الذي يروم إثباته الطيب بوعزة في كتابه وينجح فيه - بكل جدارة - وذلك بإرجاع الفلسفة اليونانية إلى تأثر غير هين بالشرق (مصر بشكل أكبر من غيرها) وهو ليس بالتأثر الذي يعني أن الفلسفة منتحلة كما يقول بعض المتعصبين من الطرف الآخر المقابل للأوروبيين، بل التأثر والتأثير، أي: مثاقفة وتبادل، وهو مع غيره من العوامل - التي بسطها بشكل من التفصيل الطيب بوعزة - مجتمعة = كانت كالتفاعل الكيميائي فكانت نشأة الفلسفة . . . هكذا باختصار مُخل، وهناك مراجعة للكتاب على موقع نماء للحبيب والصديق الدكتور طارق عثمان، يُراجعه من أراد المزيد، فضلًا عن كون الدكتور الطيب بوعزة يُلخص الفصل بعد الانتهاء من عرضه، ويُلخص الفكرة العامة في نهاية الكتاب. هذا رابط لمن أراد
يبدأ الكتاب بعتب لأغلب الأطروحات النقدية العربية في مجال الدراسة الفلسفية والغربية، والتي إما تكون مغالية لحد النسخ واستبعاد التفكير (العلمانية المتشددة) أو وعظية إنشائية لا تقدم دراسة منصفة وعلمية (إسلاموية)، مما يعطي إشارة مبطنة بأن هذا الكتاب لن يقع في نفس هذا المطب الإيدولوجي؛ فهل نجح الطيب بوعزة في ذلك؟
الكتاب هو الجزء الأول من مشروع فلسفي لقراءة نقدية للفكر الغربي، ويمكن في المجمل تقسيمه إلى قسمين : القسم الأول يبحث في مصطلح ودلالة الفلسفة نفسها، والبحث عن تعريف لها، خلال هذه الرحلة البحثية نلاحظ بأن المهمة ليست بالسهولة التي تبدو عليه، ونجد بأن حتى بعض الفلاسفة أنفسهم يتحاشون الوقوع في تعريف الفلسفة، كما يقول جيم هانكنسون : "إنها شي يجب أن تحاول دائماً تجنب شرحه" ! يحاول الكاتب البحث عن الأسباب التي قادت إلى هذه الإشكالية، إشكالية تعريف الفلسفة نفسها، ويخلص إلى أن الأسباب الرئيسية هي : ( كثرة تعاريفها - الصبغة الشخصية للدراسات الفلسفية - ميوعة حدود موضوعاتها - صعوبة تحديد ملامح المنهج الفلسفي - حراك البنية المفاهيمية) ونلاحظ في هذه الأسباب محاولة تعريف الفلسفة بأكثر من لحاظ ( الموضوع - المنهج - المفاهيم ) لكن المحصلة نتنهي بأنه لا يمكن تعريف الفلسفة من هاته الجوانب، وإن كان الجانب المفاهيمي مناسب لتعريف نتاج الفلاسفة (الفلسفات) وليس الفلسفة. بعد هذا التطواف يتطرق إلى الإستعاضة عن تعريف الفلسفة بتعريف التفلسف، أي تحديد أهم خصائص العفل الفلسفي بشكل عام بدل الفلسفة -وهي طريقة تتبعها بعض الدراسات- نرى أنه بعدما حدد أهم معالم التفلسف (الحس النقدي - المنهجية - الرؤية الكلية - غياب التراكم التجاوزي، ويقصد به بأن الفلسفات غالباً لاتُبنى على ما سبقها في تاريخها، بعكس العلوم الطبيعية مثل الفيزياء مثلاً) بأننا لازلنا لم نتحرك قيد أنملة، فحتى هاته الخصائص مشتركة لعلوم أخرى ويُصعب أن يبنى عليها تعريف مميز للتفلسف. وعليها، ينتهي الباحث بأن أفضل حل ممكن هو في القراءة التاريخية للإنتاج الفلسفي، وبدل أن يكون السؤال (ماهي الفلسفة؟) ننتقل إلى (هاهي الفلسفة) .ا
القسم الثاني، وهو الهدف الأساسي للكتاب، يتضمن نقد النظرة الشائعة عن الرؤية المعروفة بأن (اليونان هي المعجزة التي أنتجت هاته العلوم العقلية ومن بينها الفلسفة) والتي تفصل الحضارة اليونانية عما قبلها، وتفسر انبثاق الفلسفة (العقلية) بأمر غير عقلي (المعجزة) ! وهذا تناقض أساسي لهذه الرؤية التاريخية المشهورة المتمركزة حول الذات الأوروبية، والتي قام بنقدها العديد من الباحثين في العقود الأخيرة، ويطرح في مقابلها الكاتب نظرية الوصل، التي تعني الوصل الحضاري بين اليونان وما سبقها من حضارات (الهندية - الفينيقية/الشامية - المصرية) ويقدم هذا في عدة نقاط ومحاور، أهمها شهادات أصحاب الشأن أنفسهم (اليونانيون) ولكن الكاتب يستدرك على الباحثين الذين أتجهوا للطرف المناقض، حيث قالوا بأن الإنتاج اليوناني ما هو إلا سرقات من حضارات أخرى، وهذا ما يقوده إلى المبحث الأخير عن أسباب بداية الفعل الفلسفي كما هو معروف مع طاليس، فكما تعرفنا على الأسباب الخارجية لنشأة الفلسفة، لا يمكن إغفال الجانب الإجتماعي والثقافي في الحضارة اليونانية نفسها والتي أدت في النهاية إلى الفلسفة .
دراسة رصينة، كانت على قدر المأمول منها، وبداية ممتازة لهذا المشروع الذي أتوق لقراءة الأجزاء القادمة منه.
لا شك لدي بعد قراءة هذا الكتاب الذي يعد بوابة لمشروع "القراءة النقدية لتاريخ الفكر الفلسفي الغربي" بأن د.الطيب بوعزة قارئ وباحث موسوعي، إنه يعطيك كماً من المعلومات والمصادر التي تجعلك تطمئن لصحة المعلومات التي يقدمها وللتصور الذي يتكونرلديك بعد قراءتها..
كتاب سهل قد لا تكون هناك حاجة لقراءة الشروع كاملاً سيما لغير المهتم بالفلسفة، بيد أن هذا الكتاب ممتع مثير وذو لغة مقعولة ومعلومات واقتباسات مثيرة..
على عادته في إيقاظ ذهن القارئ بدأ الطيب بوعزة بالإجابة عن سؤال السائل لماذا كتب سلسلته عن الفلسفة ؟ ذكر دافعين أساسيين أولهما :غياب الحس النقدي من كثير من التآليف المنشغلة بتقديم الفكر الغربي. ثانينهم� ؛ضعف المنهجية في الاتجاه الآخر فالتآلي� العربية صنفان كما قسمها الطيب صنف منبهر يحسب كل صيحة فكرا يجب أن يقدم على أنه الحق الذي يأتي الباطل من بين يديه ولا من خلفه،وصنف أنتجه الخطاب الإسلامي لحظ عليه أربع ملاحظات � الأولى :السطحية في عرض المذهب الفلسفي الثاني� :غلبة اللغة الهجائية الثالث�:اختزالها مبادئ الفكر الغربي في لغة أقرب ما تكون إلى لغة الشعار الرابع�:القصور في قراءة التراث المنقود ث� بين الموقف المعرفي الذي يرتكز عليه ومرامه من القراءة النقدية ورؤيته التي أسسها على فرضيتين الأول� علاقة الوعي الغربي بالوجود. الثاني� أن المارواء شرط لضمان وتأسيس الإمكان الانطولوجي للحقيقة،ومن ثم بحث إمكانها الابستومولوجي،ثم ذكر حرصه على التقليل من المصطلاحات الفلسفية،إلا في حدود أو مصحوبا بقرينة تبين معناه،وبعد أن قدم الكتاب تقديما وجيزا سلك بنا الفصل الأول في دلالة الفلسفة كان فصلا له ثلاثة أبواب لكل باب مواضيع متفرقة بدءا بالدلالة اللغوية،وذكر تركيبة اللفظ ونبه إلى غرابة الجزء الثاني منه "صوفيا" عند اليونانيين ،واستشكال آفلاطون له ،ونسبته إلى الشعوب البربرية،ذلك اللفظ الذي يطلقه اليونان على كل وافد شرقي،ثم تطرق للدلالة اليونانية حسب كل مذهب فلسفي فهي كما يراها آفلاطون البحث عن الوجود الحق،ويراها إيزوقراط خلاف ذلك هي الطريقة العلمية لإقناع الجماهير غايتها تكوين الرجل السياسي القادر على تكوين الناس إقناعهم،وينظر إليها آرسطو بكونها البحث عن العلل يتفق مع أستاذه على بعدين في مفهوم الفلسفة رغم خلافهما حول الوجود الحق والوجود بما هو موجود،كما تطرق للمذهب الرواقي الذي يعتبر صاحبه الفلسفة هي فن الحياة بطمأنينة وسكينة،تصور يسعى إلى اللذة دون حصرها في الجسد.ومن نافلة القول أن الدلالات بعد اليونان أشد تباينا وهي اليوم أشد تباينا من ذي قبل. ثم تطرق لأسباب العجز عن إيجاد تعريف جامع للفلسفة،ناقش عدة أسباب أولا كثرة التعريفات التي لا حصر لها حتى أن أحدهم قال أن التعريفات الفلسفية بعدد الفلاسفة. وذك� أن هذا السبب ليس بالوحيد فهناك عدة تخصصات تعددت تعاريفها كالشعر والأدب لكنه تعدد لم يصل إلى تأسيس إشكالية تعريف الشعر أو الأدب.��تطرق لسببين لم يرهما أيضا وجهين لكونها أوحد الأسباب لإشكالية التعريف،ميوعة موضوع الفلسفة، وصعوبة تحديد ملامح المنهج الفلسفي ،والسبب الخامس حراك البنية المفاهيمية تلك البينة العصية على التحديد،طرح سؤالين أولهما:لماذا لم تكتف الفلسفة بألفاظ اللغة والثاني ما معنى المفهوم الفلسفي وما سمته � وأجاب عليهما ثم تطرق لعتريف التفلسف بدل الفلسفة أول� الحس النقدي :ذلك الحس الذي أجمع على أنه من مظاهر التفلسف،فحضوره لافت أوان برروز الفلسفة،إلا أنه ليس بالشيء الذي يرتكز عليه تعريف التفلسف وذكر دليلا على ذلك أربع ملاحظات ثاني�:الرؤية المنهجية :الفعل التأملي المنظم رغم أن ذلك ليس خالصا للفلفسة من بين كل العلوم،و هناك نصوص فلسفية كتبت بصبغة شعرية إلا أنه سيظل مظهرا من مظاهر التفلسف. النظر� الكلية:أي النظر في دلالة كلية دون الاقتصار على جزئيات الوجود غيا� التراكم التجاوزي :الفلسفة غير العلم فأقوال آفلاطون لا تزال حاضرة في الوسط الفلسفي حضور أوقوال راسل. ختام� غير الوجهة من تعريف الفلسفة إلى التعرف على الفلسفة وكان ذلك المدخل لنقاش نشأة الفلسفة بدأ بتقديم عن شيوع نشأة الفلسفة في اليونان دون سابق تمهيد مولود بدون مخاض ولا حمل وبين أطروحة الوصل. بد� بتبين أقوال الفلاسفة الغربيين حول الفصل وأن الفلسفة اليونانية نشأت كاملة وعقدة التمركز حول الأنا وأفضلية العرق الآري على غيره من الأعراق، مثل �"الإيطالي جيوبرتو الذي نجده يقول : « إن إيطاليا وحدها من يمتلك مبدأ المعرفة الحق » . وهيجل في مبتدأ درسه الفلسفي بهيدلبرغ في أكتوبر 1816 نجده يقول : « إن الفلسفة لا توجد إلا عند الألمان » . قاصدا أنهم الوريثون الوحيدون لشعلة التفلسف الإغريقية "،وغيرهما فند تلك الأطروحة وذكر الأدلة العقلية على أطروحة الوصل وعلاقة الفلسفة اليونانية بغيرها من المصرية والهندية ،وأن الفلسفة اليونانية ظهرت في المدن المختلطة بعيدا عن المدن ذات العرق الآري الخالص.ختاما تطرق للسياق الثقافي والمجتمعي لليونان أوان بروز الفلسفة ،ودلالة ظهور الديمقراطية ،وتأثير العامل الديني في ظهور الفلسفة ،وما أورثته الفلسفة لليونان من التفكير الفلسفي بدل التفكير الأسطوري ثم كانت خاتمة فصله الأخير والخاتمة الأخيرة التي ختمها بخلاصة خلاصة الكتاب �"إن كل محاولة تقصد إلى التقليل من قيمة الإسهام اليوناني بدعوى أنه لم يكن سوى سرقة لنواتج الحضارات الأخرى تخطئ في التقدير ، تماما مثل ما يخطئ التأويل الأورو - مركزي الذي تبلغ به سذاجة الانفعال العرقي ، إلى فصل النتاج "
موضوع الكتاب الرئيسى هو تقديم منهجية جديدة لتناول الفلسفة عموما و الفلسفة الغربية خصوصا و الكتاب هنا يعدُ مقدمة و تعريف منهجى لسلسلة كاملة للدكتور الطيب بو عزة عن تاريخ الفلسفة الغربية و قراءته النقدية لها ...
المنهجية التى يعتمدهاالكاتب هى أولا تقديم سردية تاريخية للفلسفة غير تلك التى تقدمها اوروبا عن أصل الفلسفة و بيان سبب نشأتها و أصلها الدينى و العقلانى و بيان ان اللحظة اليونانية فى الفلسفة هى لحظة تالية و لاحقة للحظات أخرى سابقة عليها كاللحظة المصرية و الفينيقية و الهندية و البابلية
ثانيا فض الإشكالية المتعلقة بتعريف الفلسفة كموضوع و مجال للإشتغال و التركيز على التعرف على الفلسفة بوصفها نشاط إنسانى عقلى و وجدانى و صيرورة مفتوحة لا تنتهى
أخيرا توضيح العنصر السيوسيو-ثقافى المرتبط بالفلسفة اليونانية خصوصا ويان تفردها و العوامل الذاتية الكامنة فيها
يتكون الكتاب من فصلين، في الأول يحاول الكاتب تبيين الموانع التي اعترضت قيام تعريف ماهوي للفلسفة، وينتهي إلى أن تعريف الفلسفة عند كل فيلسوف هو جزء من عملية التفلسف ذاتها، وبالتالي هناك تعريفات للفلسفة بعدد الفلاسفة. في الفصل الثاني يتناول الكاتب قضية النشأة الفلسفية في اليونان ويعود بها إلى أسباب خارجية كالتأثر بالحضارات المحيطة باليونان وداخلية كالحالة الدينية ونشوء الديمقراطية التي تستلزم أن يحاول المفكرون طرح الحجج والبراهين للدعاية لأفكارهم ونتج بذلك نوع من النقد والتفكير ساهم في نشوء الفلسفة، ورد على فكرة امتلاك اليونانيين لخصائص بيولوجية/نفسية أهلتهم لإبداع الفلسفة دون سائر الشعوب التي لم تنتج علما ولا فلسفة ، وهي الفكرة العنصرية التي سادت بين الغربيين بعد عصر النهضة.
الكتاب يُقرأ مرتين المرة الأولى لتدوين الفوائد المهمة القراءة الثانية للإعراض عن المعلومات والتنبه للمنهجية التي سلكها فقد سلك طريقا جديدا مغايرا للطرق السابقة وهي منهجية تستحق أن نقف عندها. ما ميز الكتاب أنه : ١-ابتعد عن لغة الهجاء العلمي : الغرب الذي سرق أفكارنا-الغرب المنحل..الخ إلى محاولة قراءة موضوعية لتاريخ هذا الفكر ٢-أن الموضوعية التي أخذها على نفسه لا يعني البقاء أسير أو رهن الآخر
بحاجة لعشرات المشاريع المشابهة،التي تتحرر من أسر الهيمنة الغربية،وتنعتق من رؤية أريد لها أن تفرض نفسها ولن تتحرر أمة،إن كان هناك من يصك لها دائما تاريخها ووعيها وثقافتها
أما عن محتوى الكتاب : في التقديم،قدم الصورة التي يراها ان الفلسفةمرت بمراحل ثلاث ارادة المعرفة فإرادة القوة : النزوع للسيطرة فإرادة اللذة الادراك فالحيازة فاللذة ( الإيروس ) ولكن كيف انتقلت الفلسفة،من محاولة فهم الوحود،إلى محاولة فهم الأداة التي ساءلت الوحود،ثم الى مرحلة لاحقة نفي مبررات طرح السؤال! *كيف تكون الفلسفة الحقل المهتم بإنتاج المفاهيم وهي عاجزة عن شرح نفسها٣١
ثم حاول أن يقارب التعاريف ورأى أن كل محاولة لتعريف التفلسف توصل لإشكال فلسفي وبعد عدة محاولات للتعريف استغرقت أكثر من ١٠٠ صفحة يرى ان علينا بعد الفشل في التعريف محاولة التعرف عليها بدل من تعريفها
ثم جاء الفصل الثاني ليقدم الأطروحة البديلة "أطروحة الوصل" فنفي المعجزة اليونانية لا يعني التقليل من أثر اليونان ولا الحط من قدراتهم،لأن هناك قضية مهمة ،انتقال فكر وافد ما لجغرافيا زمانية لا يعني قدرتها على ابتداع نمط فكري فوحود حاجة ما عند محتمع لا يعني قدرة ذاك المحتمع على انتاجها،بل لا بد من وحود الامكانات التي تحقق ذلك
وهي محاولة ممتازة،ربما ستجد بعض التكلف هنا وهناك،وربما لا تتفق معه تماما،لكنه أطروحة جديدة ،جديرة بالاطلاع.
القراءة الأولى للطيب بوعزة، أحببت أسلوبه ولغته؛ بعيدة عن تقعر بعض كتّاب الفكر والفلسفة، قريبة إلى نفس القارئ العادي. قدّم الطيب تأريخاً بديعاً؛ لم يقتصر على عرض تاريخ الفلسفة الغربية، بل ظهر في سطوره روح الباحث المعتزّ المتمكّن، ينقد رأياً شائعًا ويصحح آخر، ويقبل فكرة ويردّ ثانية ليس اتباعًا لهواه أو تحيزًا لآرائه بل بما تقتضيه الأدلة والبراهين.
رائع للرائع الطّيب بوعزّة، بدأ بمناقشة الفلسفة والتفلسف والتعريفات الشائعة لهن، ثم نشأة الفلسفة بين القائلين بالفصل (ظهرت فجأة "كمعجزة" في اليونان) والقائلين -ومنهم الدكتور- بالوصل (أي نشأة مستأنفة بسبب التأثّر بالحضارات الشرقيّة) وجوانب أخرى -الداخليّة- كالعوامل الاجتماعيّة والسياسيّة والجغرافيّة، وأجمل ما فيه الأسلوب النّقدي للدكتور
الكتاب يتكون من مقدمة وفصلين والكتاب يعتبر مقدمة أصلاً !أعني مقدمة لسلسلة اسمها "تاريخ الفكر الفلسفي الغربي قراءة نقدية" المقدمة رائعة جدا يعرض فيها المؤلف على وجه الإجمال تحولات الفكر الغربي والتناول العربي لهذا الفكر حيث قسم الدكتور الطيب بو عزة العرب المتناولين للفكر الفلسفي الغربي لفريقين اما ناقداً بشده ولكن بسطحية وبدون سبر اغوار هذا الفكر واما الإنبهار التقديسي للفكر الفلسفي الغربي ثم ينتقل في الفصل الأول للحديث عن نشأة الفكر الفلسفي وعن دلالة لفظة [الفلسفة] ناقداً كون الفلسفة تبحث دائماً حول تحديد ماهية الأشياء بينما هي لم تسطع ان تحدد لها ماهية ! ثم ينتقل من تعريف الفلسفة الى التعرف على فعل التفلسف والفصل الثاني يتحدث عن أصول نشأة الفلسفة وهل هناك أصول شرقية أم كما يزعم بعد فلاسفة الغرب ان الفلسفة من انتاج العقل الأوروبي فقط لأنه هو العقل القابل للتفكير والإبداع ! الكتاب في مجمله جيد جداً ولكن هناك بعض المصطلحات الغريبة نوعاً ما أود أن أضعها هنا للتسهيل على القارىء المبتدىء مثلي .. هذه المصطلحات تعريفاتها كلها كانت من اجابات الباحث الدكتور طارق عثمان على اسألتي .. جزاه الله عنا خيراً
سوسيو - ثقافية : سوسيو من سوسيولوجيا يعني علم اجتماع . اذن معنى هذا التركيب: علم اجتماع الثقافة أو علم اجتماع المعرفة وهو حقل من حقول علم الاجتماع أسسه كارل مانهيم..وهو يدرس الطبيعة المجتمعية التي نشأت بها ثقافة معينة وتأثيرها على هذه الثقافة إيكولوجي: دراسة البيئة الكوسمولوجي: دراسة الكون السوفسطائية: مذهب فلسفي يوناني ماقبل سقراطي الميتودلوجي:المنج اللوغس الفلسفي : العقل الفلسفي الأسطورة= الميثوس التوغينيا : تأتي بمعنى تفسير النشأة والانتظام في مملكة الألوهية والكون الثنائية الأفلاطونية : العالم ا��مادي والعالم المعنوي أو الواقع والمثال النرجسية :وسم معناه الغرور وتمحور الشخص/ الأمة على ذاته واهتمامه المبالغ فيه بنفسه ورغبته في أن يخدمه الآخر طوال الوقت . اليانج/ين : أو الأبيض والأسود ..في الفكر الصيني تمثل منظورا لفهم العالم على شكل دائرة كبيرة بداخلها لونين الأبيض والأسود كل لون يعبر عن جزء من الحياة مضاد للآخر الأبيض مثلا يعبر عن النهار النشاط السخونة.. والعكس في حالة الأسود والحياة تسير عن طريق التفاعل بينهما معا. دلالة سيمانطيقية :سيمتنطيقي أو سيميائي فرع من فروع اللسينيات الحديثة وتعني علم العلامات والاشارات. القياس الصوري : هو القياس الأرسطي جزء من منطق أرسطو و يحتاج الى دراسة المنطق عامة لفهمه. أنالوطيقا : تعني تحليل وهي جزء من المنطق الأرسطي. المتودلوجيا الرياضية : المنهج الرياض الدوغمائية:كل فكر وثوقي يعتقد كماله وحيازته للحق ويبط�� كلما هو خارج عنه .
لماذاتطورت الفلسفة في اليونان و لم تتطور في الحضارات الاخرى؟ ١- الإنتاج المعرفي إرتبط بالمعبد أي المؤسسة الدينية. في مصر مثلاً العلوم كلها مرتبطه بالدِّين داخل المعبد ، وتكون محاطة بالأسرار، لذلك يسهل إخفائها أو حتى إقبارها. لذلك عند حدوث أي صراع عسكري خارجي أو داخل البلد أو أزمة اقتصادية أو أي سبب أخر تموت المعرفة لأنها ببساطة ، كانت أسرار ، والسر يموت مع صاحبه. (اليونان كانت ديمقراطية و العلوم في متناول الكل)
٢- كوّن الإنتاج اليوناني حديث بالنسبة للحضارات الأخرى ( الهند والصين و مصر بدأت الإنتاج المعرفي قبل الميلاد بأكثر من ألف سنة أما اليوناني فقط ستة مئة سنة قبل الميلاد )
٣- دور الحضارة الإسلامية من ترجمة وشرح وتطوير الفلسفة اليونانية .
٤-كوّن اليونان في شط البحر المتوسط و إحتكاكها بالعالم عن طريق التجارة ، عكس ما حدث في الصين والهند التي كانت معزولة فلم تختلط كثيرا بالثقافات الاخرى
بحث ماتع يقدمه لنا أ. الطيب بو عزة الناقد المتميز للفلسفة برؤية اسلامية تتميز بالرؤية العلمية الموضوعية... هذه هي الأطروحة الاولي من سلسلة تاريخ الفكر الفلسفي الغربي رؤية نقدية،ويتحدث هذا الجزء عن دلالة الفلسفة وعن سؤال نشاة في تاريخ الفكر الفلسفي الغربي من بداية النشاة إلي نهاية تشكلاته المعاصرة الاخيرة برؤية نقدية متميزة. يظهر لنا البحث الأصول الخارجية التى أسهمت في تكوين الفكر الفلسفي اليوناني،ويتناول تحليل لتاريخ الفكر الفلسفي الغربي ومن ثَم نقد لتمركزه. رؤية نقدية بلغة استدلالية تحاور وتناقش بروح علمية موضوعية،تمتاز بعذوبة الالفاظ وسهولتها،وإظهار منهجية جديدة لتناول الفلسفة الغربية. ومن اهم مباحث الكتاب الجانب الخاص بنقد التمركز الغربي المسيطر والمهيمن على مؤرخي الفكر الفلسفي الغربي. وكذلك بحث الأصول الخارجية المؤثرة في تكوين الفلسفة اليونانية وفكره.
ما يقدمه المفكر بوعزة في هذا الكتاب هو تقديم طرح نقدي للقراءة الفلسفية للفلسفة اليونانية والكتاب يتميز بالتبسيط لشديد لدرجة التكرار والاعادة مرات للتفهيم وهوه ما بدا ملل قليلا الكتاب من فصلين بعد مقدمة طويلة ازعم ان الفصل الاول اهم ما في الكتاب وهو يعرض اشكالية تعريف الفلسفة
ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وبعد:
هذا هو الكتاب الأول من سلسلة "قراءة نقدية في تاريخ الفكر الفلسفي الغربي" لأستاذنا الدكتور الطيب بو عزة، وهو موسوم بعنوان: (في دلالة الفلسفة وسؤال النشأة؛ نقد التمركز الأوربي). وقد تلاه: (الفلسفة الملطية)، (فيثاغورث والفيثاغورثية)، (هيراقليط فيلسوف اللوغوس)، ومؤخراً (كزينوفان والفلسفة الإيلية). وقد حمل المؤلف على إنجاز هذا المشروع الفكري، كما يذكر في التمهيد، غياب المنهجية النقدية في بعض المؤلفات الفلسفية العربية وضعفها في بعضها الآخر.
الكتاب يقع في ٢٧١ صفحة من القطع المتوسط، ويشتمل على فصلين. الفصل الأول حمل عنوان: "في دلالة الفلسفة" وفيه ناقش المؤلف الدلالة اللغوية للفلسفة، ثم الدلالة اليونانية للفلسفة وتصورات مدارس الفكر اليوناني لها، ثم انتقل بعد ذلك إلى مفهوم الفلسفة وفيه تحدث عن ما يعرف بإشكالية تعريف الفلسفة وأجمل أسبابه، ثم انتهى من هذا الجدل الدلالي معبراً عن قناعته بأن ليس للفلسفة تعريف جامع مانع.
الفصل الثاني جاء بعنوان: "في سؤال نشأة الفكر الفلسفي اليونانية"، وعمد المؤلف فيه إلى دحض مفهوم المعجزة اليونانية من خلال تأسيس فرضية الوصل ونقد فرضية الفصل الأوربية وبيان تهافتها وتناقضها. ولا يكتفي المؤلف بالعوامل والمؤثرات الخارجية، بل نجده يناقش بعد ذلك العوامل الداخلية التي كانت وراء النقلة الفكرية في اليونان والتي تمثلت بشكل رئيس في الانتقال من الميثوس إلى اللوغوس. وأخيراً يقف الكاتب موقف الحياد بين من ينكر أي فضل للإسهام اليوناني في الفلسفة وبين التأويل الأورو-مركزي كما أسماه، ويؤكد على الصيغة الكيميائية للتفاعل الحضاري.
هذه مجرد لمحات وإضاءات سريعة. الكتاب ماتع جداً وقد وفق مؤلفه بتقديم دراسة علمية مميزة. أنصح به وبلا تردد كل مهتم.
كتاب جيد بدأ من سؤال ماهي الفلسفة و شرح أسباب استشكال تعريفها و انتقد في الفصل الثاني أطروحة التمركز الأوروبي الزاعمة بأن الفلسفة نتاج صرف للعقل اليوناني و لم تسهم فيه حضارات أخرى . و قدم الكتاب دلائل على بطلان هذه الفكرة، و موضحا أن الفلسفة عند اليونان محصول "نشأة مستأنفة" لا "نشأة مبتدئة"، و حلقة في سلسلة صيرورة فكرية تنغرس جذورها عميقا في خلفية تاريخ حضارات الشرق القديمة، غير أن ثمة دوافع داخلية بالمجتمع اليوناني تساندت فيما بينها لاستقبال الوافد من الحضارات الشرقية و التأسيس عليه لابداع الوعي الفلسفي.
الكتاب ممتاز جدا في شقيه المعنون بهما ، تحديد دلالة الفلسفة و نشأتها ، و في نقد عقدة التمركز الأوروبية و غرورها ، لكن الكتاب يبدو ناقصا أو بالأحرى ليس كتابا فعلا ، صحيح أن الناشر يقول أنه جزء من مشروع سيكمل لاحقا لكنه برأيي أشبه بكتاب واحد تم تقسيمه و نشر فصوله مقسمة . طريقة الكاتب و أسلوبه سلسة جدا مما لا يعتاد عند الكتابة عن الفلسفة ، و استفدت منه بشكل خاص عند الحديث عن نشأة الفلسفة اليونانية و تفسير نشوئها و أثر النظام الديمقراطي وعلاقته بذلك
- يرى الطيب في كتابه ان الفلسفة يغلب عليها طابع الفردية و الذاتية كانك تتعامل مع فسيفساء متناقضة , فعلينا الانتقال من تعريف فعل الفلسفة الى التعرف عليها من حيث الانتقال من سؤال ( ما هي الفلسفة ) الى تقرير (ها هي الفلسفة) من المتون الفلسفية ...
-لذا الناتج هو تحول المقصد من التعريف الى التعرف, المنتج لقراءة المتن الفلسفي و النظر في صيرورة تطوره و تطور مواضيعه و ادواته تاريخيا ً ..
-لاعطاء صورة عامة عن ماهية الفلسفة لا بد عن اطلاع شبه كامل على المنتوج الفلسفي العالمي و على هذه المهمة الا يمارسها الفلاسفة لانهم بالغالب لا يصلحون كمؤرخيين و ينتهجون الاسلاوب التأويلي الشخصي في منتوج الاخر الفلسفي ..
(( فلا يمكن ان نأخذ رأي هيجل بارسطو او رأي ابيقور عن أبيكتيتوس ))
- لذا لا تقرأ تاريخ الفلسفة عند الفلاسفة لانه مصبوغ بطابع مذهبي بل احيانا أسيرة نظرية اقليمية ضيقة !! و للقاعدة استثناءات
-التطور التاريخي للمناقشة الفلسفية الاوروبية يلخص من ادراك الوجود الى حيازته الى تبرير العبث و الشهوة ...
- المعرفة الفلسفية اليونانية كانت اقرب الى الشعب من المعابد كما ما حدث في اليونان و عكس ما حدث في مصر الفرعونية او الصين او الهند فكانت اقرب الى التدوين و السجالات الفلسغية و لم تكن كالاسرار المخبوءة التي يأكلها التاريخ كما في الامثلة السابقة ...
- من أكبر المشاكل التي عانى منها المؤرخون العرب للحركة الفلسفية أنهم جعل اليونان هم اصل و مركز كل شيء و هذا لانهم نقلوا ما وصف الأوروبيين فلاسفة اليونان...و هذه احد اعراض المركزية الأوربية التي تقوم على نفي التاريخ لا استحضاره...و جعله يدور في فلك الرجل الغربي وحده.. Eurocentreism
- و الحق أن النصوص الفلسفية اليونانية لها اتصال عميق بفلسفة معابد مصر الفرعونية و فلاسفة الهند حتى أن معهد دلفي الفلسفي اليوناني اعيد ترميمه باموال الفراعنة لتقاطعه مما يدرس في معابد مصر....
- فالتأثير هنا اقرب إلى صيغة المثاقفة من حيث التأثير المتبادل و التأكيد أن كل مدرسة فلسفية احتفظت بخصوصيتها ...
- فنشأة الفلسفة اليونانية هي نشأة مستأنفة لا نشأة مبتدئة !!
يتحدث بو عزة في هذا الكتاب بأسلوب سردي إلى حد ما عن أول سؤال متعلق بالفلسفة سؤال الماهية والنشأة، يطوف الكتاب في فصله الأول حول واقع أن الفلسفة عصية على أن تعرف تعريفًا لا يولد إشكالًا فلا المدخل اللغوي المعجمي -مع تأكيد الكاتب على أهميته فيما يتعلق بالفلسفة خصوصًا - ولا المقاربة المفاهيمية قادرة على إنجاز مهمة تعريف الفلسفة ويذكر لهذا عدة عوامل منها ما يعود إلى طبيعة موضوعات الفلسفة ومنهجها وينتهي إلى ضرورة الانتقال من تعريف الفلسفة إلى التعرف على الفلسفة من خلال النظر في تاريخها(الانتقال من: "ما الفلسفة؟" إلى: "ها هي الفلسفة". في الفصل الثاني يتكلم عن نشأة الفلسفة اليونانية ويقارن بين نظريتين أطلق عليها نظرية الفصل ونظرية الوصل، كما ينبي الاسم ترى نظرية الفصل بأن نشوء الفلسفة في اليونان كان بسبب خصوصية لأولئك الناس لم تكن لغيرهم ويقللون بل وينفون أي تأثير لأي حضارة أخرى متناسين طبيعة سيرورة الحضارات والتثاقف الذي هو من طبيعة البشر متحدثين عن تفوق عرقي وعن "معجزة" يونانية ويصف بو عزة هذه النظرة بكلام لا يخلو من السخرية"فجأة وبلا مقدمات…يول� اللوغوس الفلسفي دون أن تسبقه علامات حمل ولا وحام" ويقول أنها تناست عقيدة مركزية في الفلسفة نفسها وهي أن: لا شيء من لاشيء، وهذا هو الدرس الأول في الفلسفة كما ذكر بو عزة في إحدى المناسبات، ويقول الكاتب بالنظرية المقابلة التي هي نظرية الوصل مع الحضارات السابقة ويشير بشكل خاص إلى دور الحضارة المصرية والهندية والفينيقية والأخيرة لعبت دورًا مهمًا إذ أخذ اليونان عنها تطوير الأبجدية اليونانية والتي لولاها لما كانت الفلسفة في اليونان ولما كان القائلين بتفوقهم العرقي، والكاتب إذ يذكر هذه العوامل الخارجية لا يغفل ذكر العوامل الداخلية التي أدت إلى تعامل فكري من نوع خاص مع هذه المنتجات الثقافية المستوردة منبهًا إلى أن العامل الخارجي لا يقوم وحده ومن العوامل الداخلية المذكورة عوامل سياسية وعوامل دينية وحاجات سوسيو-ثقافية ومعرفية من نوع خاص، فموقف الكاتب من نشأة الفلسفة بين تطرفين يتحدث الأول عن خصوصية يونانية وقطع لأثر باقي الحضارات ويقابله من يقول بأن فلسفة اليونان لا تعدو أن تكون سرقة.
في حدود قراءاتي المتواضعة , لم أقرأ لأحد منظم الأفكار وواضح النقاط مثل الدكتور الطيب بو عزة , هذه قرائتي الثانية له , ونفس الإنطباع من التنظيم و الوضوح , يملك اسلوباً يجعل أصعب الأفكار سلسلة لدخول العقل أما من ناحية الكتاب , فاعتقد أن الكتاب مهم جداً في مجاله , فهو يسلط الضوء على مدى التزييف الذي قام به كثير من الباحثين الغربيين من فلاسفة وغيرهم في حصر الإبداع الفلسفي في العرق الآري (الغربي) دون غيره من الشعوب والحضارات , في حين أن ما ورد من الفلاسفة الأوائل كأفلاطون وغيهر هو عكس ذلك تماماً , يرد الدكتور على هذه النزعة الغربية التي تحاول جعل لحظة ميلاد الفلسفة يونانية خالصة , يرد الدكتور بأسلوب منهجي وعلمي ويقابل الحجة بالحجة وعلى لسان علماء غربيين , والأجمل من ذلك أن هذا الرد لم يتطرف للناحية الأخرى , أي أنه لم يركز على دور الحضارات الأخرى - الفينيقية والمصرية وغيرها - في نشأة الفلسفة واهمال الجانب اليوناني , بل تحدث بكل موضوعية أنه كان للمجتمع اليوناني عناصر داخلية جعلته يبرز بشكل أكبر في الفلسفة , تحدث الدكتور عن العوامل التي جعلت غيره من المجتمعات و الحضارات ينحصر ابداعها في الفلسفة في فئة قليلة كالكهنة وغيرهم حقيقة هو كتاب شعرت أن كل عربي يمكن أن يفخر به لأنه قبل كل شيء هو كتاب موضوعي وعلمي , ولا ينحاز لطرف أو فكرة أو اتجاه دون آخر , بل يبحث بكل موضوعية وعلمية عوامل نشأة الفلسفة و تطورها , عدا الوضوح في الأفكار والتنظيم الذي يجعله سلساً ربما يواجه القارئ بعض الكلمات الغامضة والمصطلحات الفلسفية , أو يخفى عليه الدلالة عند الإشارة لفيلسوف معين , هو كتاب ربما يتوجه إلى حدٍ ما للمختصين , من كرم الله أني درست كورس فلسفة على النت لذلك كان سهلاً علي فهم الكثير من الأفكار , ومع ذلك خفي علي بعض الدلالة لأني غير متبحرة في الفلسفة كثيراً , لكن في النهاية يمكن أن يدرك أي قارئ لب الموضوع وفكرة الكتاب ويلمس أهميته وابداعه
يدور الكتاب حول عدة محاور أهمها، تبين إشكالية وضع تعريف للفلسفة، إذ يقول أن التعريف لا ينفك عن الاشتغال الفلسفي، إذ لكل فيسلوف تعريفه الخاص، وبذلك يصعب وضع تعريف جامع مانع لها. ويذكر جملة طريفة بهذا الصدد، أن الفلسفة انشغلت بتعريف المفاهيم بينما كانت هي عاجزة عن تعريف نفسها.
ثم يأتي إلى النقطة الأهم بنظري في الفصل الثاني من الكتاب، والتي يتحدث فيها عن أطروحتي الفصل والوصل الخاصة بنشأة الفلسفة اليونانية، حيث يقوم المؤلف ببيان تداعي أطروحة الفصل التي تقول أن نشأة الفلسفة كانت لحظة بادئة في اليونان وليست مستأنفة في الحضارة الإنسانية، والتي تعزز أطروحتها بالتفوق العرقي والتمركز حول الأنا الأوربي المضمر والصريح، ويبين عدم كفاية هذا الإدعاء في تفسير نشأة الفلسفة اليونانية إذ أنها تحيلها إلى "الإعجاز اليوناني" ثم تبقى صامتة، ليضع المؤلف في مقابلها أطروحة الوصل التي يتبناها ويدلل عليها ويبين تهافت الإدعائات بالتفوق العرقي، حيث يقول أن نشأة الفلسفة كانت نشأة مستأنفة وليست بادئة وقامت على الاستفادة من الاتصال بحضارات الشرق كالفينيقيين والمصريين والهنود، إذ كانت بلاد اليونان فقيرة الأراضي الزراعية مما عزز الملاحة البحرية فيها والتواصل بين الحضارات الأخرى والتأثر والتأثير بهم، ولكنه بنفس الوقت لا يقلل من الإنجاز اليوناني ولا ينفي فضلهم، بل يبين العوامل الداخلية والخارجية التي أسهمت في نشوء الفلسفة في بلاد اليونان وليس في غيرها من البلاد، حيث يعلل ذلك بأسباب جغرافية وسياسية ودينية تظافرت في لحظة زمنية فأدت إلى إنتاج العقل الفلسفي.
في دلالة الفلسفة و سؤال النشأة المؤلف الدكتور الطيب بو عزة صفحات الكتاب حوالي 280 صفحة تقريبا
يتناول النصف الأول من الكتاب بحث لغوي و مصطلحي و مفاهيمي و تاريخي لكلمة الفلسفة مع تطور استخدام المصطلح عبر العصور الفلسفية و من فيلسوف لأخر ليخلص البحث إلى ثلاث أمور : الأول لا يمكن تعريف الفلسفة لتشمل كل دال على استخدامها عبر العصور دون إدخال ما ليس منها أو إخراج ما هو منها. الثاني بناء على الاول سنكون أمام تعاريف الفلسفات لا تعاريف الفلسفة بشكل عام الثالث يكمن جزء من الحل في محاولة تعريف فعل التفلسف بدلا عن تعريف لفظ الفلسفة
أما النصف الثاني فمبني على بيان و تفصيل نظرية الوصل و وتضعيف و نقد نظرية الفصل ليظهر أن نشوء الفلسفة في اللحظة اليونانية كان نشوء مستانف لا مش ء مبتدء .
ثم يتعرض المؤلف إلى اللحظة التى أدت إلى تطور الفكر الفلسفي اليوناني الدينية و الأرضية و التاريخية و السياسية ثم يختم الفصل بالكلام عن التحول من الميثوس إلى اللغوس أو التحول من التفكير الاسطوري إلى التكفير الفلسفي.
يتميز الكتاب بلغة الدكتور الأدبية مع عقليته النقدية ة مشاركته القارئ في الاستفهام و الإجابة و الترتيب العقلاني للبراهين .
الكتاب واضح من عنوانه، سيبحث المؤلف في قضيتين أوليتين في تلقي الفلسفة أو دراستها وهما سؤالين : ما الفلسفة؟ وكيف نشأت او ظهرت؟، وتحت كل سؤال سينشر لك المؤلف أسئلة اخرى فمن يقرأ لن يجد أجوبة بسيطة بل ستجد نفسك وسط قضايا أكبر واشكاليات اكثر. كتابة الطيب كتابة منهجيه لن يتوه القارئ وهذا يميز كتاباته حيث تكون فرص لمعرفة منظمة لا يجب أن تفوت اي قارئ.